أوامر الدفاع إستثناء لا يجوز التوسع بها
في البدایة لا بد أن نعترف جمیعا أن ما بذلتھ وتبذلھ الحكومة من جھود مضنیة في إدارة أزمة وباء الكورونا یعتبر
جھدا جبارا لا ینكره إلا كل جاحد. ولا بد أن نعترف أیضا أن الحكومة كان لدیھا نفسا طویلا في امتصاص غضب
الناس جراء قرارات الحجر ومنع التجول, ونعلم أن أغلب أوامر الدفاع التي صدرت عن الحكومة كانت ذات طابع
إقتصادي ومالي، حاولت الحكومة من خلالھا جاھدة التخفیف على المواطنین من حجم الأعباء المالیة والإقتصادیة،
رغم شح الموارد المالیة. وقد تفھمنا جمیعا مبررات بعض القرارات الصعبة التي اتخذتھا الحكومة وكان لھا انعكاس
سلبي على بعض شرائح وفئات من المواطنین مثل: الموظفین أوبعض القطاعات مثل القطاع السیاحي, وفي جمیع
.الأحوال فإن المصلحة العامة تسمو على المصلحة الخاصة
إننا كرجال قانون نؤمن بسمو الدستور على كافة القوانین والأنظمة, ونعلم أن المادة (124 (من الدستور قد أباحت
اللجوء الى قانون الدفاع لمواجھة حالة إستثنائیة, ولكننا نؤمن أیضا بأن الإستثناء لا یجوز التوسع بھ ولا القیاس علیھ,
لأنھ یتحول كما قال القاضي جھاد الدریدي المحال الى المجلس التأدیبي بسبب منشوره على صفحتھ (الفیسبوك) عبر
فیھ عن رأیھ، أقتبس منھ: «إن السلطة المطلقة سلطة مفسدة, وأن الوضع لا یستدعي إھدار حریة التعبیر والحق في
المحاكمة العادلة, وإھدار سیادة القانون والإعتداء على الملكیات، وإظھار أن التأیید ھو الوطنیة وأن المعارضة وإبداء
.«الرأي خیانة وغیاب السلطتین التشریعیة والقضائیة, ولا صوت یعلو على صوت خلیة الأزمة
أنا أعلم ان رئیس الوزراء من أكثر الأشخاص الحریصین على تطبیق القوانین، وأن ھناك في إدارة الأزمات لجاناً
متخصصة في كافة المجالات, ھي من تقوم بتقدیم المشورة العلمیة والفنیة والقانونیة للرئیس, والتي على ضوئھا یتم
إتخاذ القرارات، وكما یقال: إرضاء الناس غایة لا تدرك, وھنا لا بد من التأكید على أن تعطیل القوانین والأنظمة حالة
إستثنائیة,وأن قرارات الدفاع التي تصدر تھدف لمعالجة السلبیات الناجمة عن تداعیات جائحة كورونا، ھي أوامر
إستثنائیة تنتھي بانتھاء الغایة التي وجدت لأجلھا. فإن المطلوب من الحكومة بعد عودة القضاء الى عملھ, عدم التوسع
في إتخاذ قرارات أوامر الدفاع في مجال الحقوق المتقابلة المتخاصم علیھا بین المواطنین والتریث في ذلك و التوسع
في استشارة اصحاب الاختصاص لانھ مھما كانت أھمیة تلك القرارات، فلا یجوز للإستثناء (اوامر الدفاع) أن تطغى
على الأصل (القوانین والأنظمة) فالقرارات الإستثنائیة تفتح المجال حتى وإن كانت عن غیر قصد أمام اتخاذ تدابیر
تمییزیة بحق فئة من المواطنین على حساب فئة أخرى. وفي النھایة أقول أن دولة القانون أساسھا العدل القائم على
.الموائمة بین الحقوق والواجبات
د. ھزاع عبد العزیز المجالي