ماذا يفعل المغتربون الأردنيون في الخارج!
يظنّ البعض أن هؤلاء خرجوا في نزهة، وللفرجة على الآثار، وتأخّروا في العودة حين أغرتهم مدن الملاهي.
ربما لأنّ الحكومة، الرشيدة بالطبع، والرشيدة دائماً، لم تضعهم في صورة أن هؤلاء يحوّلون أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً للبلاد!
وأن هؤلاء المتسكعين في حدائق العالم يحملون عبئاً كبيراً عن الحكومة، حين يموّلون مئات آلاف البيوت والعائلات في البلد، بتحويلاتهم المنتظمة. ويشكّلون حالة إنعاش دائمة للاقتصاد الوطني كلما مرّ بضيق نَفَس.
هؤلاء يحرّكون عجلة التجارة ويرفدون البلد بالعُملات الصعبة، ويُشغّلون عشرات القطاعات منها آلاف محلّات الصرافة، وأقساط المدارس والجامعات لأبنائهم الدارسين هنا، فضلاً عن قطاع الضيافة في الصيف، والجمارك، وشركات الطيران الوطنية، والمستشفيات و.. و.. الخ.
في الوقت الذي يعتقد البعض أن المغتربين يسافرون ويعودون على حساب الدولة، وتستضيفهم في أوتيلاتها خلال الصيف!
مع أنه في الحقيقة مثلما أطلق على القطاع الطبي مؤخراً تسمية "الجيش الأبيض”، جدير بأن يُطلق على المغتربين "الجيش الاقتصادي الضخم”، والحكومة تعرف ذلك جيداً، لكنها لسبب ما لا تقوله للناس.
والذي يقرأ التحقيق الذي نشرته "الغد” قبل أيام للزميلة هديل غبّون، بعنوان "أردنيون تقطعت بهم السبل يتعلقون بأمل العودة”، يدرك كمّ النكران الذي عومل به جزء كبير من هؤلاء حين خذلتهم ظروفهم في الأزمة الأخيرة، فوقفت الحكومة، الرشيدة بلا شكّ، تتفرَّج عليهم!
وهو نكران ليس جديداً ولم يصدم هؤلاء الناس، الذين دائماً ما عانوا تنكّر الحكومة لهم.
رغم أن لهم رسمياً نصف وزارة اسمه ".. وشؤون المغتربين”، لكنّه ملصقٌ مثل إكسسوارات الزينة، لا يعرفون وظيفته.
هذا القطاع؛ قطاع المغتربين، لا يحظى بأيّ معاملة تفضيلية، مقابل قطاعات أخرى مدلَّلة مع أنها لا تدرّ أي دخل على البلد بل تستنزفه مالياً. فعلى سبيل المثال؛ لو أراد مغترب العودة للبلد نهائياً والاحتفاظ بسيارته فسيدفع أكثر من ثلاثة أضعاف ثمنها كقيمة جمركية! ولا يتذكر أحد حينها أن هذا الشخص الذي قدّم لسنوات طويلة لاقتصاد بلده يستحق ترحيباً أو تكريماً عند عودته، ولا نقول إعفاء جمركياً بل حسومات على الأقل وأن لا نعامله معاملة التجار المورّدين! في الوقت الذي يحظى النوّاب مثلاً، الذين يستنزفون خزينة الدولة ولا يقدمون لها شيئاً سوى الخُطب بإعفاء جمركي كامل!
بل إن الهدية التي تقدّم لأبناء المغتربين حين يعودون للدراسة في جامعاتنا هي خصم عشر علامات من معدلهم للثانوية العامة بحجّة أن الدراسة في الخارج سهلة وليست بمستواها في الأردن.
عموماً، فإن حقّ المواطن في السفر من وإلى مدن الملاهي يكفله القانون، وليس منّةً أو فضلاً من أحد. لكن المرارة التي يتجرعها المواطن بهذه المعاملة الجاحدة تجرح القلب.