في ذكرى النكسة ..الطريق الى القدس قريب

اخبار البلد-

 

زهير العزه

بعدما قام رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات عام 1994بالتوقيع على اتفاقية سلام مع العدو الصهيوني معترفا ولاول مرة في التاريخ الفلسطيني بأحقية وجود الكيان الاسرائيلي على اراضي فلسطين المحتلة عام 1948 ،كثر الحديث عن خيانة القضية الفلسطينية وعن خيانة نضالات الشعب الفلسطيني والدماء التي سالت من اجل منع توسع المشروع الصهيوني الذي كان يهدف الى التمدد نحو بلدان عربية اخرى ، ما ادى الى اندلاع خلاف فلسطيني فلسطيني وعربي عربي وفلسطيني عربي .

يومها كانت وجهة نظر ياسر عرفات ومعه بعض المجموعات الفلسطينية ان فلسطين "العورة "موجودة اما فلسطين "الحلوة" ليس بالامكان الحصول عليها ، ما اعتبرته اوساط غالبية ابناء الشعب الفلسطيني ولغاية الان خيانة للتضحيات خاصة بعد الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت شعبيا في العام 88 من القرن الماضي ،وقد تم التعبير عن هذا الخلاف والاختلاف بالتمرد الداخلي لبعض قيادات فتح او الخلاف الفتحاوي مع التنظيمات الفلسطينية الاخرى، الى ان وصل حد الاقتتال الداخلي كما حصل بين فتح وحماس في غزة فيما بعد ،اثر التراكمات التي وقعت بعد توقيع اتفاقية اوسلو .

وبعد هذه السنوات الطوال وما آلت اليه الامور من تردي الحالة الفلسطينية في مناطق غزة والضفة الغربية ، وبعد التراجعات او التنازلات التي قدمها فريق الرئيس محمود عباس للصهاينة ،وعدم استجابة العصابة الصهيونية لكل ما قدمته السلطة الفلسطينية ، ثبت ان وجهة النظر التي تبناها الفريق الخصم "وهم الاغلبية الشعبية" لياسر عرفات وللمجموعات المسيطرة على المنظمة او على القرار الفلسطيني "وهم بالمناسبة "الاقلية "، ان الاستمرار بتقديم التنازلات لم ولن يقنع الصهاينة بضرورة تطبيق ما اتفق عليه في اوسلو مع اركان اليمين الفلسطيني متمثلا بالسلطة .

واليوم ونحن نعيش اجواء النكسة او الهزيمة التي وقعت في 67 من القرن الماضي ،لابد ان نعود لما كان يقوله اليمين الفلسطيني عن المبررات التي تدفع للسير بخطة السلام الصهيوامريكية إن من حيث الواقع الفلسطيني اوالعربي اوالدولي قبل توقيع اتفاقية اوسلو:

1_ كان يقال ان الدول العربية تساقطت وان كل الانظمة العربية استسلمت خاصة بعد ما عرف حينها بحرب تحرير الكويت بعد الغزو العراقي لها ، وما شهدته الساحة العربية من اقسام حاد انعكس على القضية الفلسطينية ، وبالتالي لا بد من المشاركة في التسوية التي تم الترتيب لها في مؤتمر مدريد ، وذلك لانقاذ شعبنا ونحصل له على شيء افضل من لاشيء ، حتى ولو اقامة دولة على شبر ارض كما كان يقول ابو عمار ومن معه .

2- كان يقال ان امريكا سيطرت على المنطقة ،والحل مطروح من قبلها ولا بد من الانخراط في الحل قبل تصفية القضية الفلسطينية .

3- وايضا قيل ان الامور في المنطقة مرتبة وان الاتحاد السوفيتي انذاك والولايات المتحدة متفقان على كل شيء ، والموضوع مطروع للحل والمسألة ليست الا قضية وقت لتنفيذ الحل .

4- كما ان البعض ذهب الى حد التبشير بالسلطة الوطنية الفلسطينية التي ستأتي على طبق من ذهب على كل حدود الرابع من حزيران عام 67.

لكن وبعد ان وقع ياسر عرفات والسلطة على اتفاقية السلام اين اصبحت القضية الفلسطينية وماذا تحقق من حلم الدولة وماذا بقي من الضفة الغربية وماذا حقق الفلسطيني بأتجاه حق العودة او القدس والتعويض والاستقلال عن الاحتلال حسب ما كان فريق اليمين الفلسطيني يبشر ؟

في الواقع لاشيء.. حيث ان كل المؤشرات تبين ان كل ما قامت به هذه السلطة منذ التوقيع على اتفاقية السلام الى يومنا هذا ادى الى الضياع وفقدان القضية الفلسطينية اولوياتها الدولية وهذا ما سعى له الاحتلال تاريخيا !

ولكن ومع كل هذا الفشل الذي اصاب معسكر اليمين الفلسطيني ،هل هناك امل في خلط الاوراق بأتجاه تحريك الملف الفلسطيني ما يضعه كأولوية على طاولة الاجندة العالمية ؟ وهل نحن بأتجاه حربا اخرى لتحقيق هذاالهدف ؟

ان استعراض مجمل الحجج التي كان يطرحها اليمين الفلسطيني لتمرير توقيع الاتفاقية مع العدو الصهيوني يشير الى :

اولا : بالرغم من محاولا التطبيع الوقحة التي قامت بها انظمة مع الكيان الصهيوني ، وبالرغم من تحقيق الكيان بعض الانتصارات على صعيد التطبيع مع بعض الافراد من اوساط ثقافية او اعلامية او مالية فأن التطبيع مرفوض شعبيا وان غالبية ابناء الامة ينظرون للمطبع كخائن ، ولعل مؤتمر البحرين الاقتصادي الخاص بفلسطين والمتعلق بصفقة القرن ، قد اثبت فشله وان امكانية فرض الحل الامريكي غيرممكنه ، وبالتالي فأن مقولة ان امريكا مسيطرة على المنطقة كذبة حاولت أجهزة الكيان الصهيوني تعميمها، وساعدتها انظمة عربية ارادت تسويق هذه الفكرة .

ولعل ما يدعو الى التفاؤل هو ان الجماهير عادت لحيويتها من خلال اثبات انها قدرة على تعرية العملاء وفضحهم وعزلهم وما حدث لاحد المواطنين السعوديين في القدس شاهد على قدرة هذه الجماهير .

ثانيا :اما القول ان كل الانظمة العربية قد استسلمت ، فالواقع يشير الى ان التسوية مع الكيان الصهيوني الذي تغول على الضفة الغربية ويرفض تنفيذ الاتفاقيات الموقعة معه اصبحت في مكب نفايات التاريخ ، وبالتالي فأن اوسلو سقط وسقطت مفاعليه، حتى وان لم تقم السلطة باسقاطه ، فالشعب اليوم بالرغم من انف المتحكمين بالسلطة متمرد على كل ما تقوم به هذه السلطة.

ثالثا : واما حول فرضية ان العملاقين الكبيرين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قد اتفقا على حل القضية وتم ترتيب الامور فالحالة اليوم تقول ان الاتحاد السوفيتي اصبح روسيا وتم تقسيمه ولكنه من اشد اعداء الولايات المتحدة الامريكية ، وان الصين التي اخذت تحتل مكانة دولية مرموقة هي منافس مقلق للولايات المتحدة وبالتالي على العرب والفلسطينيين اقتناص فرصة الخلاف لتعزيز موقف الحق الفلسطيني ، والولايات المتحدة في هذا اليوم وعند كتابة هذه السطور تؤكد انها في اضعف حالاتها فبعد ازمة كورونا التي اظهرتها على حقيقتها وضعفها وعجز بنيتها الصحية امام التحديات جاءت حادثة مقتل المواطن الامريكي جورج فلويد لتشعل الفوضى في كل الولايات المتحدة الامريكية التي تكشف وجه سياساتها القبيح العنصري بحيث ان ترامب لم يعد قادرا على التفكير، وحجمته الازمة خلف ابواب البيت الابيض ،ولم ينبس ببنت شفه حول صراعه مع الصين او روسيا او ايران وغيرها من ملفات دولية كان يحاول فرضها على العالم ،بل ان ادارته اصبحت مشلولة وضعيفة اما شعوب العالم .

اذا الحل مع الكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني غير وارد الان وموقف السلطة الفلسطينية بالرغم من ضعفعه يؤكد ذلك ،بل على العكس فأن موقف الملك عبد الله الثاني من تحركات الصهيوني نتنياهو نحو ضم اجزاء من الضفة الغربية يؤكد ان الصراع يتصاعد وان المنطقة تسير نحو الحرب وليس نحو السلام ، والموقف الامريكي من قضية الشعب الفلسطيني وتصريحات الادارة الامريكية من مشروع صفقة القرن وكذلك تصريحات العدو الصهيوني حول الاستمرار بسياسة قضم الاراضي الفلسطينية وتأييد امريكا لسياسة نتنياهو الخاصة بضم اجزاء من الضفة الغربية وحتى حدود الاغوار اضافة الى ما يجري من تحركات تجاه حزب الله اللبناني و تصعيد الامور في غزة ، كل ذلك علامات الى ان الامور تسير باتجاه الحرب وليس باتجاه السلام .

4: واما عن السلطة التي ستأتي على طبق من ذهب ، فالواقع المأساوي الذي يعيشه المواطن الفلسطيني إن على صعيد الحصار اوالذبح والقتل اليومي الممنهج على ايدي افراد العصابات الصهيونية والحالة الاقتصادية المتردية والاعتقالات كلها علامات ان ما تم بنائه ليست اكثر من احلام دونكوشوتيه او سلطة من ورق ، والسؤال المطروح اين اصبحت السلطة الان بعد كل هذه التنازلات التي قدمها السيد عباس ومجموعته ؟

اليوم ونحن نعيش اجواء نكبة حزيران 67 على الجميع ان يستفيد من كل ما طرح سابقا من مشاريع قادة الحالة الفلسطينية الى الوهن بل كادت ان تؤدي بالقضية الى التهلكه ، وعلى الجميع ان يتعلم من التجربة المريرة مع العدو الصهيوني ان المعركة لم تضع اوزارها ، وان شلال الدم الفلسطيني والعربي سيبقى يعطي حتى تحرير فلسطين لان التسويات السياسية ثبت فشلها وبالتالي لابد من العودة للبندقية المقاومة كعنوان استراتيجي للمرحلةالقادمة التي يستعد لها الصهاينة لانهم يعرفون انهم يواجهون رفضا شعبيا ، ولن تستطيع كل الانظمة العربية او الدولية تسويقهم مهما بذل من اغراءات ،فكيف وهم يعتدون يوميا على فلسطين واهلها وعلى لبنان وسوريا والعراق ، وكيف وهم ما زالوا يحتلون فلسطين كل فلسطين .. اعتقد جازما ان المنطقة باتجاه الحرب تسير وان معركة الحسم مع هذا الكيان الاستيطاني قد ازفت ، حتى ولو بعد حين قصير .. فتحرير القدس وفلسطين قريب..

zazzah60@yahoo.com