رحيل الدكتور كامل أبو جابر

اخبار البلد ـ غیّب الموت، یوم الجمعة الماضیة، القامة الفكریة والسیاسیة والاكادیمیة، العروبي جدا حتى النخاع، الدكتور كامل ابو جابر وزیر الخارجیة الاسبق الذي كانت له اراء سیاسیة مھمة في السیاق الوطني الاردني وفي السیاق العربي والصراع مع اسرائیل.

والدكتور كامل ابو جابر عمل مدرسا للعلوم السیاسیة في عدد من الجامعات الامیركیة في ستینیات القرن الماضي الى ان قام رئیس الوزراء الشھید وصفي التل باستدعائه للتدریس في الجامعة الاردنیة في العام 1969 وكانت حدیثة التأسیس، انذاك، حیث لعب دورا كبیرا في عمله التدریسي في الجامعة وفیما بعد اختیر وزیرا للاقتصاد الوطني في حكومة زید الرفاعي في عام1973 ثم وزیرا للخارجیة في حكومة طاھر المصري ورئیسا للوفد الاردني الفلسطیني المشترك لمفاوضات السلام في مدرید.

السیرة الحیاتیة للدكتور المرحوم كامل ابو جابر، ابن الیادودة والعشیرة المسیحیة العروبیة، سیرة حیاتیة ملیئة بالكثیر من القصص والحكایات التي یعرفھا الاردنیون ومساھماته الفكریة والسیاسیة في النقاش الوطني الاردني الداخلي على امتداد اكثر من ستین عاما من العمل السیاسي اضافة الى مساھماتھ الفكریة والسیاسیة في كتاباته عن الصراع العربي- الاسرائیلي وكان ابو جابر قامة وطنیة یحبه الاردنیون من كل الاتجاھات بما في ذلك الاتجاھات والحركة الاسلامیة التي كان یشارك في مھرجاناتھا خطیبا مفوھا. كما ان المعروف عنه دفاعه عن الاسلام في مناظراته مع المفكرین والسیاسیین الاوروبیین والامیركیین خاصة دفاعه بعد احداث 11 سبتمبر عن تھمة وصف الاسلام بالارھاب.

عرفت الدكتور ابو جابر منذ زمن طویل ولكن علاقتي فيه اصبحت ممتدة ومتشابكة في الھم السیاسي خلال الاعوام الماضیة حیث كان یبعث لي مقالاته السیاسیة لأنشرھا في الرأی عندما كنت رئیسا لمجلس ادارتھا كما كان یزودني بافكاره وارائه حول كتاباتي السیاسیة وكنا مجموعة من الاصدقاء، نلتقي شھریا لنتناقش بالفكر والسیاسة وكان من بین الحضور الفریق المتقاعد والعین السابق داود حنانیا ووزیر الداخلیة الاسبق سمیر حباشنة والعین مروان الحمود والوزیر الاسبق صبري ربیحات والوزیر الاسبق صالح ارشیدات والاقتصادي الفلسطیني اكرم عبداللطیف وامین عام وزارة الثقافة الاسبق مأمون التلھوني والدكتور معین فضة ونزار اوجي والمنتج الاردني عصام حجاوي وكاتب السطور. وكان حجاوي یرتب اغلب اللقاءات على عشاء مشترك وكما كان المرحوم ابو جابر یدعونا الى مزرعته القریبة من طریق المطار.

في اخر جلسة قبل اربعة اشھر اكد لنا المرحوم ابو جابر ان الرد الحقیقي على صفقة القرن التي اعلنھا الرئیس الامیركي دونالد ترمب ھو في الاعلان عن قیام الوحدة الاردنیة الفلسطینیة وتكاتف الطرفین للعمل معا لاسقاط الصفقة على ان تترك تفاصیل الوحدة على الارض فیما بعد.

رحیل الدكتور كامل ابو جابر شكلة صدمة لمحبیه في الاردن وفلسطین من مسلمین ومسیحیین لأنه كان اقرب الى الشخصیة المنتمیة الجامعة لكل الاطیاف ولذا فقد نعته كل الھیئات السیاسیة الاردنیة والفلسطینیة والعربیة ومن كل الاتجاھات لأنه رجل قومي وعروبي بإخلاص له الرحمة ولاھله صادق العزاء.