عنف ما بعد كورونا

أخبار البلد - مرحلة ما بعد كورونا ستكون مرحلة مؤلمة ،ونحن على وشك الدخول في موسم عنف مجتمعي اعتيادي يهل علينا في اشهر الصيف ، وبدأت ملامحة بالظهور مبكرا في مشاجرات دامية وقعت هنا وهناك رغم الحظر ، سيكون هذا العام اشد ايلاما اذا لم تتخذ إجراءات وقائية صارمة منذ الان، ذلك ان الظاهرة تتناسب تناسبا طرديا مع سوء الأحوال المعيشية المرافقة للفيروس .

ماذا عن الاستعدادات الوقائية لمنع حالات القتل الاعتيادية التي تقع بالجملة في كل صيف ؟.. هل سنبقى هذا العام ككل عام مكتوفي الأيدي وننتظر تفجر الأزمة المتكررة، وإعادة افتتاح الجرح النازف وشلال الدم والتشرد الذي يبدأ من شرارة وينتهي إلى نيران مؤججة لأتفه الأسباب ؟ الم تفشل كل الجهود الخجولة المتواضعة السابقة وتنتهي نتائجها الى اقل من اللاشيء ؟. كيف يمكننا إطفاء لهيب التوتر والهياج المجتمعي القاتل ، واندلاع عنف الجامعات في الصيف اللافح ؟وما هو السبيل لكبح جماح الغضب والنزق والانفعال الجمعي ، وأين هي التحضيرات المانعة لذلك ؟..ألا توجد وسائل وبرامج واقعية وقابلة للتنفيذ تخفف من حدة المشكلة ؟....أوليس هذا هو الوقت المناسب لإثارة الموضوع وتسليط الضوء علية مبكرا عل وعسى ان نهتدي إلى حل.؟ ..ماذا بوسع المعنيين في المؤسسات الرسمية والأهلية والمختصين فعله لحقن الدماء ؟. متى سيبدءون وبماذا وكيف؟، وهل يمكنهم البدء بمشروع وطني واقعي متكامل فيه ما ينفع الناس ويمكث في الأرض بعيدا عن كل أشكال الثرثرة والتنظير؟..

غدا سيمتلئ المشهد بتفاصيل جنون العنف الدامي ، ويزيد الكراهية والحقد ويحفز الأخذ بالثأر. هناك مئات العائلات المشردة التي هجرت مساكنها واضطرت للرحيل والإقامة في مناطق نائية خوفا من الانتقام، فتشتتت وتقطعت بها السبل وفقدت مصادر رزقها منذ سنوات ، ناهيك عن الدخول في متاهات السجون وعالم العقوبات والمحاكم، والتكلفة باهظة الثمن التي تستنزف جهود وإمكانيات المؤسسات الأمنية والقضائية والإدارية.

العنف المجتمعي قديم ،والمواعظ الدينية والتهديدات الرسمية كانت جزئية وتواضعت إلى حدها الأدنى وأخفقت جميعها ، ولم تنقص من حجم المشكلة إلا كما ينقص المخيط إذا ادخل البحر..

ذروة الجهود الرسمية كانت عام 2010 م ، عندما شكلت الحكومة لجنة وزارية لمكافحة العنف المجتمعي ولدت نتائج ميتة ، ضمت وزراء التربية والأوقاف والشؤون البرلمانية والتنمية السياسية والتنمية الاجتماعية والدولة لشؤون رئاسة الوزراء ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومدير عام المجلس الأعلى للشباب وأمين عام وزارة الداخلية . واقتصرت أعمالها على ما يبدو على عدد من الاجتماعات والنقاشات الخاطفة انتهت بتوصيات لم تلامس ارض الواقع ، كتشديد العقوبات، وإصدار التعليمات التنفيذية المشددة وتعزيز الإرشاد ،والحث على التسامح والتوعية بمخاطر العنف والاجتماع بالوجهاء والشيوخ ، وغرس روح المواطنة الصالحة والتكافل الأسري والالتقاء بطلبة الجامعات ،وتدريب رجال الأمن وتعزيز دور الإعلام الأمني .وما إلى ذلك من الجمل والعبارات التي ما زادت في الحل خرذله.، واستمرت وتيرة العنف. ومنذ ذلك الحين اغلق الملف.

.المطلوب البدء بتفكيك حدة الظاهرة والبحث عن لقاح عقابي رادع ضمن حل شمولي متكامل بعيدا عن أنصاف الحلول ،والإفصاح عن إستراتيجيه جديدة وآلية تنفيذها ، ومقاييس حجم المشكلة وأدواتها لتوضيح المعايير والأسس القابلة لقياس انحسار الظاهرة او امتدادها مستقبلا..