ميدل ايست أونلاين : هل ينقل الشوبكي التجربة المغربية في الإصلاح إلى الأردن؟

أظهرت رسائل تبادلها العاهل الأردني عبدالله الثاني مع مدير المخابرات الجديد اللواء فيصل الشوبكي الأهمية الكبيرة التي يوليها ملك الأردن لجهاز المخابرات ومديره المعين في المساعدة في الخروج من حالة الاحتقان الشعبية في البلاد والعمل على دعم جهود الإصلاح المتعثرة، كما يشير اختياره إلى أن الملك عبدالله مقتنع بالأسلوب المغربي في التعامل مع الموقف من خلال إسناده إلى الشوبكي، السفير الأردني (السابق) في المغرب.

وقال الملك عبدالله في رسالته للشوبكي "إن قيادتك لدائرة المخابرات العامة، تأتي في سياق مساعينا الحثيثة لترجمة رؤيتنا الإصلاحية الشاملة، ما يتطلب جهدك في توجيه هذا الجهاز الكفء نحو دعم مسيرة الإصلاح في الأردن وإضافة الأدوات والأساليب، وتطوير التدريب والإعداد، الذي يمكّن أبناءنا ونشامى هذا الجهاز من الذود عن الوطن بمهنية واحتراف، واحترام منهجي ومؤسسي للأطر القانونية والتشريعية ومبادئ حقوق الإنسان والحريات الفردية والشخصية، التي نريدها نبراساً ثابتاً وعنواناً مشرقاً لمرحلة الإصلاح الشامل والنهوض السياسي، التي نسير عبرها بخطى ثابتة نحو أردن ديمقراطي وتعددي مشرق وجديد، يكون لأبنائه دوراً مباشراً في صناعة حاضره ومستقبله."

واعتبر مراقبون في عمان أن الملك يريد للمخابرات أن تخرج من دورها التقليدي كمؤسسة أمنية تثير الخشية إلى مؤسسة وطنية يعول عليها في إيصال رأي الناس إلى القيادات العليا.

وأضاف العاهل الأردني، في إشارة واضحة منه إلى الدور المنوط بالشوبكي في رصد الفساد ومطاردة القائمين عليه "إن الظروف الإقليمية والمحلية التي تتولى فيها قيادة مؤسسة أمنية رائدة، تتطلب ترسيخ ثقافة الوعي الوطني، والانفتاح والشفافية، والمحاسبة، والتقدم على أسس الجدارة بين الأجيال الصاعدة في أجهزتنا الأمنية، والتي نوجهها لبناء العلاقة بين الدولة والمواطن يكون أساسها الثقة المتبادلة".

ويعد الشوبكي ضابطا محترفا في سلك المخابرات وسبق أن عمل نائبا لمديره، لكنه استبعد منتصف العقد الماضي في الفترة التي يرى فيها الأردنيون أنها عصر الاعتماد على "غير المجربين" والذين قادوا المملكة إلى وضع سياسي واقتصادي صعب.

ويرتبط الشوبكي بعلاقات كبيرة مع المجتمع العشائري التقليدي في الأردن ويعرف على نطاق واسع بأنه من أصحاب "اليد الأمنية الخفيفة" في التعامل مع الناس مما يؤهله للعب دور ايجابي مساند لحكومة عون الخصاونة التي يجري تشكيلها.

وأفسح الملك عبدالله المجال لسياسيين شباب وخصوصا من خلفيات رجال الأعمال، لكن اجراءاتهم التي اعتمدت على منظور الربح والخسارة وقادت إلى موجة استياء لدى الأردنيين.

كما أن الأردنيين عبروا عن عدم ارتياحهم "للتسلل الفلسطيني" إلى مناصب الدولة العليا، وهو التعبير الذي يستخدمه الأردنيون من أبناء العشائر والقبائل الكبرى في وصف الفلسطينيين الذي سكنوا الأردن بعد تركهم فلسطين خلال موجتي نزوح أعقبتا حربي 1948 و1967 مع إسرائيل وصاروا في مواقع سياسية وإدارية عليا على حساب أهل البلاد الأصليين.

وقالت مصادر في الرباط أن اللواء الشوبكي الذي شغل منصب سفير الأردن لدى المغرب منذ عام 2005 "ترك أثرا طيبا ومحسوسا في البلاد."

وأضافت المصادر "عرف الشوبكي في الأوساط المغربية بكثرة العلاقات مع أغلب الأطراف وبأنه من المعولين على إدخال التقنيات المتقدمة في إدارات الدولة، وخصوصا في مجال جمع المعلومات وقياس الرأي العام."

وقال مصدر مغربي مطلع "لقد راقب الشوبكي بتمعن المرونة والشفافية التي تعامل بهما المغرب مع المطالب الشعبية وآليات تعديل الدستور والابتعاد عن القبضة الأمنية، وهي التجربة التي لا شك سينقلها إلى بلاده."

وعبر أردنيون عن رغبتهم في أن يروا تجربة مماثلة لتجربة الإصلاح في المغرب في بلادهم.

ولم يتردد الإسلاميون في الإشارة المباشرة إلى ذلك، ولعل هذا كان من الأسباب التي دعت رئيس الوزراء المكلف الخصاونة القيادات الإسلامية في البلاد إلى المشاركة في الحكومة ووضعهم أمام مسؤوليات سياسية ووطنية بعيدة عن الشعارات والاحتجاج.

وكان الملك عبدالله قد أشار في رسالته إلى الحاجة إلى المزاوجة بين خدمة الوطن وحماية حقوق المواطن.

وقال "إننا نعوّل عليك وعلى منتسبي دائرة المخابرات العامة بأن تضربوا المثل في العمل الأمني الرائد، بالتجربة العملية والممارسة الميدانية، وبما يؤكد أن رسالة الأجهزة الأمنية، وكما كانت دائماً، هي خدمة الوطن والمواطن، وحماية الحقوق والحريات، وبأنكم تسيرون في مسيرتكم الوطنية على هدي احترام المواطن، وقدسية حقوقه وحرياته، والعمل الدؤوب خدمة لمصالحه واحتياجاته."

وتشير رسالة الرد التي وجهها الشوبكي إلى العاهل الأردني إلى إدراكه للدور الخطير الذي أسند إليه.

وقال "تأسيسا على الخبرات المتراكمة لهذه المؤسسة الوطنية، وسنحرص، كل الحرص، على ترجمتها (توجيهات الملك) عمليا على أرض الواقع بكل أمانة ووعي ومسؤولية والتزام. ومن هذا المنطلق، سنعمل على أن تكون المخابرات العامة كما أرادها جلالتكم في خدمة الوطن والمواطن وحامية للحقوق والحريات، وسندا ودعامة لمسيرة الإصلاح الشامل، وما يتطلبه كل ذلك من وضع خطط مفصلة لعملنا في المرحلة القادمة، تكفل تطوير الجوانب القانونية والتنظيمية والهيكلية اللازمة للارتقاء بأداء الجهاز ومنتسبيه، وتعميق وعيهم وإدراكهم لمسؤولياتهم وواجباتهم في هذه المرحلة نحو مزيد من الاحتراف والمهنية، وعلى قواعد واضحة من المساءلة والمحاسبة. وسيكون التزامنا ثابتا وأكيدا بروح الدستور والقانون وقدسية الحفاظ على حقوق الإنسان وحريته وكرامته، لتكون المخابرات العامة، كما أردتموها مولاي، مؤسسة مبنية على قيم الحق والعدل والنزاهة والشفافية، وبما يعزز الثقة المتبادلة بينها وبين المواطنين. وسنعمل أيضا على وضع برامج عصرية للتحديث ترتكز إلى تطوير مهارات وخبرات الكادر البشري في المخابرات العامة وإضافة الأدوات والأساليب الضرورية لعمله، ومواكبة التقدم العلمي والتقني والإفادة منه لتطوير الأداء وتعظيم الانجاز."