بسام بدارين يكتب: إلى دولة الرئيس عون الخصاونة: أرجوك لا تشطف الدرج !

يمكن ببساطة رصد رئيس الوزراء الطازج المستشار عون الخصاونة وهو ينزلقتدريجيا وبشكل مقلق إلى دوائر التفكير والتعبير(الوظيفي) كلما قابل المزيد من الشخصيات في المجتمع السياسي المحلي وتحديدا من الطبقة التي تم تسمينها وتصعيدها على رقاب البشر والشعب إما بتزوير الإنتخابات أو بالمنطق العرفي غير الديمقراطي... إنها بإمتياز مواصفات التفاعل والتعاطي مع النخبة الأردنية التي تطاردك وتطردك وتتآمر عليك إذا لم تشبهها ثم تعاقبــــك إذا كنت ذكيا ..مستقلا.. ديمقراطيا فوسط هذه النخبة التي أفسدت الحياة العامة في البلاد ينبغي على الأذكياء والمستقلين والمهنيين الإعــتذار دوما عن طهارتهم أولا ثم الإنضمام لحافـــلة الإدعياء المتشدقين الذين أخشى شخصيا ومع كل الحب والإحترام نجاحهم في تغيير أو تطويع رئيس وزرائنا الجديد المحترم.الرئيس الخصاونة مارس قليلا من الشفافية والمصارحة المنسجمة مع تركيبته ووعيه وثقافته وإعترف بأنه ليس خبيرا إقتصاديا فعالجه بعض النواب الذين حصلوا على مقاعدهم بالتزوير الصريح بإقتراح عبقري قوامه: إذا إعتذر وإنسحب فالبلاد بحاجة لخبراء إقتصاد.ومن إقترحوا ذلك لم تكن خبراتهم في الفكر الإقتصادي يوما تتجاوز حساب عوائد الإستثمار في خط باص صغير ينقل الركاب بين ضواحي عمان العاصمة.وتصرف الرجل بتلقائية فسمح للكاميرات بزيارته وتصويره في صالون منزله فبدأت ماكينة النميمة المعتادة في المجتمع الأردني بالعمل مبكرا لتقول من باب المزاودة فقط : رئيسنا الجديد يعلق على حائط منزله صورة للملكة نور والأمير حمزة ..كأن هذه الصور تخرج الرجل من ملة المنافقين الموسميين.ولاحظوا ما حصل مع الرئيس في غضون ساعات فقط : في اليوم الأول بعد التكليف قال الخصاونة كلاما كبيرا وإصلاحيا ومثيرا وفي اليوم الثاني وبعدما قابل العشرات من الشباب إياهم بدأ الرجل موسم (الخصومات) عبر الإنزياح التدريجي المقلق لدوائر الكلام العادي الكلاسيكي المكرر الذي قاله جميع من سبقوه في المنصب.وهنا حصريا يمكن رصد الخصاونة وهو يلمح لإن معايير الجغرافيا والديمغرافيا ستكون للمرة الألف ضمن أسس إختيار الوزراء وكذلك الخلط بين الكهول والشباب والأهم أن رئيس الوزراء سارع للإيحاء علنا بأنه سيعيد النظر في مادة دستورية فسرها البعض على أنها تسحب من صلاحيات الملك في إختيار رؤساء الحكومات وهو إيحاء يصنف الرئيس الجديد للوزراء فورا في قائمة الكلاسيكيين والمحافظين رغم أن هذه المادة المعدلة دستوريا قررت أصلا على هامش غفوة وغفلة للنظام برمته ورغم أن تعديلات الدستور برمتها قررت بطريقة غريبة وغير ناضجة بإعتراف رموز النظام.يحصل ذلك رغم الشعور العام بأن المشكلة لم تكن يوما بصلاحيات الملك التي يرى البعض انها تنطوي على مبالغة ونحن نخالفهم بل المشكلة كمنت في فساد وضعف المسؤولين الذين نفذت صلاحيات القصر عبرهم خصوصا منذ 2007 عام التزوير الفاضح للإنتخابات العامة وتكمن في (عدم أهلية) بعض القنوات التي أختيرت لتنفيذ الصلاحيات الملكية.والتفاعل خلال 48 بين الخصاونة القادم من لاهاي وبين نخبة برلمان يعتبره الوجدان الشعبي مزورا إنتهت بتجهيز مطب من العيار الثقيل في طريق الحكومة الجديدة نرجو ألله أن لا يقع فيه الرجل وهو الإستعانة بأعضاء من مجلس النواب في التشكيلة الوزارية ونرجو ألله أن لا يحصل ذلك لإن الشارع هتف طوال أسابيع ضد الحكومة والبرلمان معا.وأرى أن واجب الصداقة والمهنية والوطنية يحتم علي تقديم النصيحة للرئيس الجديد فأحذره من أي محاولة لإستخدامه في (شطف الدرج) وأخشى مبكرا أني أرى الرجل المحترم عون الخصاونة لاحقا يحمل سطلا سياسيا وخرقة ملونة ويقف على رأس الدرج لشطفه بدلا من بناء درج جديد ينزل عليه الأردنيون نظاما وشعبا بهدوء وسلام ودون أي إنزلاقات بقشرة موز تركها قصدا ضابط أمن جاهل في الماضي أو بقايا نفايات خلفها مجرمون يفلتون دوما من العقاب لإنهم إرتكبوا فعلتهم بإسم البيروقراطية أو لهدف مضلل هو حماية النظام... سيدي الأخ والصديق المحترم عون الخصاونة : أرجوك إنتبه ولا تشطف الدرج وبإمكانك فورا زراعة العتبة الأولى في أدراج جديدة فالأرض هي الأرض والوطن ذات الوطن والنظام الجميع يريده لكن مع درج جديد.سيدي بإختصار: لن تفتح فعلا وحقا صفحة جديدة ما لم تختصر على نفسك وعلينا المغامرة والبدايات برأيي المتواضع مكشوفة وواضحة .. لا تحمل ألسطل أولا.. إقنع أصحاب القرار في الدولة التي تترأس وزارتها بأن (إنكار) الحراك والتغاضي عن حجمه او الإدعاء بصغر تأثيره سلوك لاينطوي على حكمة ..لاحقا إقنعهم بضرورة قراءة التجربة وتقييم الأخطاء والإعتراف بها خصوصا من عام 2007 وليفعلوا ذلك داخل النظام وبدون إبلاغنا على الأقل...أخيرا لا تقنعنا أرجوك ولاتقنع نفسك بأن (مكافأة) من زورا أحلامنا وإنتخاباتنا العامة والبلدية في الأعوام 2007 و2010 كانت مجرد لحظة عابرة أو خطأ في التقييم فهؤلاء لا زالوا يستحقون (المحاكمة) وكل ما نعانيه اليوم بسببهم ولابد من فتح ملفاتهم .. ما دون ذلك سيدي الرئيس لن تتجاوز تجربتك التي نتمنى لها كل التوفيق وندعمها بالتأكيد توصيفها بأكثر من محاولة بائسة لشطف الدرج.