دولة الرَّئيس: ابدأ دون أن تتطلّع...
دولة الرَّئيس: ابدأ دون أن تتطلّع... منذ ثلاثين عاماً وأكثر وحكوماتنا المُتعاقبة (مْبحلطه) وتأكل وتشرب وتتطلّع فقط في وجوهنا لفترات متباينة، فمنها ما مارس فينا عمليّة التّطلع لمدة عام ومنها ما هو أقل ...، وحال رحيلها لم نجد للوطن والمواطن في عينها سوى ما يدوم فقط على بؤبؤها واحد على ستة عشر من الثّانية...، وجميعها للأسف بما فيها التي أنهت مُهمّاتها التّطلّعيّة البارحة؛ عاملتنا جميعها للأسف الشّديد كشعبٍ مُتسامحٍ غافل، ولا أُبرّء بعضها في أنّها كانت تنظر لنا كمُغفّلين وليس غافلين فقط...!!! لا تتطلع؟ ففي حال قلت لنا غداً أو بعد غد بأنّ دولتك يتطلّع بأن أولويّات العمل لحكومتك ستكون من أجل الفقراء والمُهمّشين والمُهشّمين مثلاً؛ عليك أن تقول لنا وتبيّن من الذي أفقرهم وهمّشهم، ومن المسئولين عن وصم نسبة كبيرة من الأردنيّين بأنّهم (تحت خط الفقر) وفي أعلى الدّرجات على مقاييس الظّلمِ والقهر؟ وفي حال لم تستطع أو ليس لديك للإجابة سبيلا...؛ فما عليك سوى أن تبدأ وتقود سفينتك ونحن معك نقول (بسم الله مجراها ومرساها)...، لا أن تتطلّع...، فتطلّعُ جديدٌ منك يُضاف ويمارس علينا سيُعلِن (لا سمح الله) عن حقبة جديدة من حُقب الآمال والتّأمّل، واللذان بسبب نتائجهم غير السّارة دائماً؛ نكاد أو على وشك أن تنخفض وتنحدر توقّعاتنا لأنفسنا وذاتنا ونعلن بأنّنا نتّسم بعدم القدرة على الانجاز وفقدان دافعيّته من خلال حُكمٍ مُسبَقٍ، ودائماً ما ينذرنا ويوسوس لنا كأردنيّين بعدم الثّقة بأنفسنا وبالآخر، وبالتّالي لا يعني لنا جميعاً سوى أنّنا أصبحنا نُعاني من خبرات فشل متراكمة وشديدة ومؤلمة يصعب شفائها بمكافحتها أو علاجها...!!! إن أُصبت بعدوى التّطلُّعٍ كمن سبقوك وقضوا نحبنا وما بدّلوا لغاية هذه اللحظة عن نهجهم وأساليبهم تبديلا؛ فإنّك لن تستطع ولن تتجرّأ على مُحاسبة ولجم شياطين أنس يملكون شيئاً من كلّ شيءٍ في الأردنّ وتركوا عامّة الأردنيين عندهم ولديهم موظّفين أو زبائن...، فالتّطلع فقط لن يُعِد لنا ما اغتصبه البعض بالنّسبة إلى الكلّ بقراراتهم وقوانينهم ووزاراتهم وحكوماتهم وأحزابهم، إذ أنّ عشرين في المائة أو أقل يملكون ثمانين في المائة وأكثر من الأردنّ وإنتاجه، مُقابل ثمانين بالمائة من الأردنيين يملكون عشرين في المائة فقط من هذا النّاتج...؟ هنا لا حاجة للتّطلّعٍ...، فتتطلّع أم لا تتطلّع...، فلن يُغيّر بحتميّة أنّها (قسمة ضِيْزى)... . أن تطلّعت فقط؛ أخشى عليك الوقوع بالإساءة العفويّة للفقراء والبسطاء ومحدودي الدّخل واستغفالهم كما وقع بهما مراراً وتكراراً ممن سبقوك...، كيف؟ التّطلع بِعُرف الرّؤساء الأقدم والسّابقين السّابقين؛ هو وضع برامج مزعومة لنشل تلك الشّرائح من محنتها (عَ الورق فقط) أليس هو تطلّع...؟ السّؤال: من الذي أغرقهم لينقذهم وينشلهم؟ بالطّبع المُغرِق والمنقذ واحدٌ مُتغيّر وهو (السّابقون السّابقون)...، وهنا إن تطلّعت بوضع برنامجٍ مزعوم؛ فإنّك تتهمهم بفقدان عقولهم وبشدّة غبائهم، فكيف يثق ويؤمّن ويصدّق هؤلاء الفقراء من سيقومون بنشلهم وهم يعلمون بأنّهم هم الذين أغرقوهم بعد أنِ استعبدوهم...، احترام عقولهم وتقديرهم بالعمل لا بالتّطلّع... فلن ينالوا منك حقوقهم ومطالبهم بالتّطلّع والتّمنّي... . أرجوك كلّ الرّجاء أن لا تتطلّع كمن سبقوك كذلك لإجراء انتخاباتٍ حرّة نزيهة، فالتّطلع في هذه المُشكلة الأزليّة استبدلناه في لغتنا الرّسميّة والشّعبيّة، وأُتفق على استبداله بالإجماع العفوي على أن لا يعنى سوى (أطمح أو أتمنّى)، وهو ما يعني إنْ طمحت أو تمنّيت (تطلّعت) فقط؛ أنّك تنازلت عن حقّك الدّستوري (العمل الحقيقي بالنّزاهة)، وتعاملت كأدنى واحدٍ منّا لا يملك قراراً (وبس تطّلّع بعيونك)، أو كأنّك تقول لنا ضمناً بأنّ هناك قوى لا تُرى بالعين المجرّدة خارقه حارقة تعلمُها ولا نعلمها، بشر وما هم ببشر، وهي القادرة فقط على جعل الانتخابات حرّة أو نزيهة، ولا حول لك ولا قوّة سوى أنّك تتطلع وتغنّي: (لا بحكم ولا برسم...بس اطّلّع بعيوني...)، فتستمر بالتّطلّع إلى أن تطلع من رؤوسنا فيملئ مكانك في فرواتها (ثعلبةٌ)، وفي جماجمها (صداع وشَقِيقَةٌ مُزمنة)...!!! أرجوك لا تتطلّع...، فحتّى التّوكّل على الله تواكل إن لم يُقرن أو يخالطه العمل...، ولا أراك سوى قبطاناً لسفينتنا التي اختارتك لا لِتُخرجها بل لتنفلت بها إلى جبلٍ عالٍ يعصمها ويعصمنا أبديّاً من الغرق....، ولا أظنّ أنّ مثلك ماهرٌ ويملك فنّاً لقيادة تلك السّفينة الغالية العزيزة؛ ويجهل أنّ عدوّ الانفلات الأكبر هو التّطلّع، وبخاصة إذا كان هذا التّطلّعِ إلى الوراء أو الخلف...، ولكن لا بأس من التّلفت يميناً وشمالاً في حال ساعد في زيادة السّرعة في الانفلات والتّفلّت... . دولة الرّئيس: المُشكلة التي كانت تواجهنا كأردنيّين لسنون مضت عندما كان كلُّ من سبقوك لا يمارسون سوى مهارة التّطلع فينا؛ هي حيرتنا ماذا نمارس نحن أو نفعل إذا كان دللاؤنا غرابين لا تطيرُ ولا تُجيد سوى (الشّنَّ) فينا والتّطلّع؟ أرجوك لا تقل: ما عليكم إلّا الرّحيل بل قل: (يرحل خمسمِيْة بلّون أخف وأولى وأحقُّ من رحيل ستّه مليون... وكل مليون يسطح بلّون)!!!