الأردن ليس بمنأى عن ذلك، وسيكون تأثير انخفاض أسعار النفط علينا مزدوجا يحمل بعض الإيجابيات، لكنه أيضا يرتب تحديات جمة ليست قليلة وقد تكون عميقة. أولى هذه التحديات ما قد يترتب على العمالة الأردنية الموجودة بالخليج حيث أن دول الخليج ستتأثر بدرجات متفاوتة بسبب تراجع الاقتصاد العالمي وتراجع أسعار النفط وستلجأ لتسريح العمالة. غير معروف للآن مدى عمق هذا التأثر بعد، سيما أن جل الأردنيين الذين يعملون بالخليج هم من العمالة الماهرة المتعلمة والمدربة التي لن يكون الاستغناء عنها بسهولة. بالمقابل فالقطاعات الإنتاجية الأردنية ستكون مستفيد طبيعي من انخفاض أسعار الطاقة لأنها مدخل أصيل ومكلف من مدخلات الإنتاج. أما عوائد الخزينة فلن تتأثر بالضرورة بشكل كبير لأن معظم نسب الضرائب على المحروقات هي نسب ثابتة مقطوعة تتأثر بتراجع الاستهلاك وليس الأسعار.
تاريخيا كان الأردن مستفيدا من ارتفاع أسعار النفط أو ما عرف بظاهرة البترودولار، فهو يصنف على أنه دولة شبه ريعية وجزء من هذا الوصف يأتي بسبب تحويلات العاملين بالخليج. كما أن ازدياد دخل دول الخليج الجارة القريبة من الأردن كان ينعكس على تعاظم الدخل السياحي وزيادة الاستثمارات الخليجية، لذلك كان الأردن دوما يؤكد فعلا لا قولا أن أمن واستقرار ورخاء وازدهار دول الخليج مصلحة إستراتيجية أردنية تتجاوز التاريخ المشترك والعروبة الأصيلة إلى أفق المصير المشترك والمترابط. حتى لو تأثرت قطاعاتنا الإنتاجية والمستهلكون من الأفراد من ازدياد أسعار النفط، تبقى نتيجة الارتفاع بالمحصلة الكلية إيجابية على الاقتصاد الأردني.
الوضع الطبيعي لأسعار النفط بما يحقق عوائد معقولة منطقية هو بحدود سعر 70 دولارا للبرميل، وأقل من ذلك يعتبر قليلا، وأكثر من ذلك تزداد فرص الاعتماد والجدوى الاقتصادية لمصادر الطاقة البديلة من صخر زيتي وطاقة بديلة نظيفة. ضمن هذه الحدود السعرية يبقى النفط هو مصدر الطاقة الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه كليا، مقارنة بمصادر الطاقة من شمس ورياح غير الكافية كمصدر بديل وحيد للطاقة، وهو أنظف للبيئة من الطاقة النووية، وكلفة استخراجه أقل من الصخر الزيتي.