التغلغل الإسرائيلي في الصين وتنامي علاقاتهما..!
أخبار البلد - بدأت العلاقات الصينية الإسرائيلية مبكرا منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي وتحديدا بعد اعتماد الحزب الشيوعي القائد في الصين سياسة الانفتاح على الغرب، وقد تعزز ذلك بعد زيارة الرئيس انور السادات إلى المستعمرة الإسرائيلية عام 1977 وما اعقبها من مفاوضات كامب ديفيد وتوقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، ومن ثم انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في 31/10/1991 م، حيث تم اقامة العلاقات الديبلوماسية الكاملة بين الطرفين في عام1992 م، لتنمو وتتصاعد العلاقات الثنائية بينهما وتتعمق في مختلف المجالات الحيوية.
العالم لا تحكمه الشعارات وانما تحكمه المصالح هناك تغلغل اسرائيلي كبير في الصين ونمو كبير في العلاقات الصينية الإسرائيلية، قد شمل قطاعات واسعة تقنية وتعليمية علمية وصناعية وزراعية وتجارية.. وحتى عسكرية وأمنية دقيقة.. رغم بعض المعارضة الامريكية لهذا التوسع في علاقاتهما بسبب التنافس الأمريكي الصيني.
هكذا واشنطن تُعارض مشاركة الصين في إنشاء محطة تحلية مياه في يافا حيث طلبت الإدارة الأمريكية من «إسرائيل»، إعادة النظر في مشاركة شركة صينية في إنشاء أضخم منشأة تحلية مياه بحر في العالم، ستُقيمها «إسرائيل» جنوب مدينة يافا، فوق قرية النبي روبين الفلسطينية المهجرة، وفق ما كشفت عنه القناة 13 الإسرائيلية مؤخرا، وتبلغ تكلفة محطة التحلية هذه 5 مليارات دولار أمريكي، وستكون قادرة على تحلية 200 مليون كوب مكعب من المياه المحلاة سنويًا، لتُسدَّ 25% من حاجة الإسرائيليين لمياه الشرب، وقد أفادت القناة بأن مسؤولين في الإدارة الأمريكية، من بينهم السفير ديفيد فريدمان، اتصلوا بوزارة الخارجية الإسرائيلية ومكتب رئيس الحكومة، وطرحوا أسئلة حول مشاركة شركة صينية في المرحلة الأخيرة من المناقصة التي تم طرحها مؤخرًا بشان محطة التحلية، وأشارت القناة أن «الحرب التجارية» الجارية بين الصين والأمريكيين هي السبب في الرفض أو التحفظ الأمريكي لمنح الصين دورًا في إنشاء هذه المحطة.
رغم بعض التحفظات الأمريكية الأمنية والإستراتيجية على العلاقات الصينية الإسرائيلية فقد أفادت شركة «العال» الإسرائيلية أنها تعزم تشغيل 60 رحلة شحن جوي من مدينة «ووهان الصينية إلى مدن أوروبية كبرى، مرورًا بـ «إسرائيل» حسب ما أوردته صحيفة جيروزاليم بوست في عددها يوم الإثنين 4/05/2020م، من أن شركة الطيران الإسرائيلية ستشغّل 15 رحلة شحن أسبوعية من مطار ووهان تيانخه الدولي إلى مطار بن غوريون الإسرائيلي، و9 رحلات أسبوعية إلى لندن، و3 إلى باريس و3 إلى فرانكفورت، وأن كل رحلة منها ستحمل 25 طنًا من المواد الطبية المُساعدة في مواجهة فيروس «كورونا».
أين الدول العربية من هذا التطور والنمو الكبير في العلاقات الصينية الإسرائيلية، وما مدى تأثيره مستقبلا على موقف الصين الشعبية صديقة العرب من الصراع العربي الإسرائيلي وما مدى تأثير ذلك على منح الصين دورا أكبر واهم في إقرار تسوية للصراع العربي الإسرائيلي تلتزم قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، خصوصا وحجم العلاقات التجارية والمصالح الحيوية التي تربط جمهورية الصين الشعبية بالعالم العربي ودوله كبيرة جدا ولا تقل أهمية عن علاقات الصين بالمستعمرة بل تزيد عن ذلك بكثير لما للعالم العربي من أهمية تجارية واستراتيجية وغيرها، رغم شعارات الصداقة التي سادت بين الطرفين العربي والصيني في عقدي الخمسينات والستينات والى الآن، لذا نطرح هذه التساؤلات على الدول العربية ومتخذي القرار فيها..؟!
لقد أدرك الكيان الصهيوني أهمية العلاقة مع الصين الشعبية وما ستحتله الصين من دور اقتصادي وسياسي وعسكري على مستوى العالم، وأدرك جملة التحولات والمتغيرات الدولية مبكرا..
فهل تدرك الدول العربية مجتمعة وفرادى جملة هذه التحولات والمتغيرات الجارية ودور وأهمية الصين الشعبية القائم والمقبل في النظام الدولي الجديد، الذي أخذ يتبلور في واقع العلاقات الدولية، والذي لن تكون فيه الولايات المتحدة منفردة كما مضى من عقود، وإنما سيشاركها قوى قطبية أخرى من أهمها الصين الشعبية إلى جانب روسيا وربما دول أخرى مثل الهند..؟!
على الدول العربية أن تدرك أهمية وخطورة اللحظة التاريخية وأن تبني علاقاتها مع مختلف الدول على أسس من المصالح العربية المتبادلة، وأن لا تركن إلى لغة الصداقة المبنية على أسس شعاراتية وعاطفية...
إن المصالح هي أساس العلاقات بين الدول قديمها وحديثها..!