فهد الخيطان يكتب :حكومة الخصاونة .. خيارات التشكيل ومحاذير المشاورات

بدأ الرئيس المكلف عون الخصاونة مشاوراته الفعلية لتشكيل الحكومة امس, فاليوم الاول من التكليف ضاع في لقاءات ومقابلات صحافية وتلفزيونية طويلة اكثر من اللازم, وكان بالامكان اختصارها في مؤتمر صحافي لجميع وسائل الاعلام لا تزيد مدته على ساعة واحدة .

الخصاونة استهل مشاوراته بلقاء النواب والاعيان وسيواصل مع الكتل النيابية وبالتزامن سيجتمع مع ممثلي الحركة الاسلامية والاحزاب السياسية, واستبق ذلك كله برسائل ايجابية تجاه جميع الاطراف, خاصة الاسلاميين الذين بادلوه التحية بالمثل .

لكن هذا التقليد في المشاورات انتهجه رؤساء مكلفون من قبل, من دون ان تترك مثل هذه المشاورات أثراً على التشكيلة الوزارية التي يجرى طبخها في العادة وفق اعتبارات بعيدة عما تم بحثه مع النواب والاحزاب .

مصلحة الخصاونة ان يحدد بالضبط ما يريده قبل الشروع في المشاورات , هل يريد اشراك النواب في الحكومة ام لا ? وهل لديه نية لتمثيل الحركة الاسلامية والاحزاب السياسية فعلا ?

تحديد الاجابة سلفا على هذه الاسئلة سيحسم الاطار العام للمشاورات, ومن المفيد للاطراف كلها ان تعرف سلفا الهدف من المشاورات قبل ان تخوض فيها . ما كان يحصل مع رؤساء سابقين انهم يرفعون سقف التوقعات في اللقاءات التشاورية ثم تأتي التشكيلة مغايرة لانطباعاتهم او توصياتهم .

ومن تجارب سابقة اتضح ان اقتصار المشاورات على مناقشة البرنامج من دون الخوض في الاسماء المرشحة يفقد العملية مضمونها .

الوقت المتاح امام الخصاونة ضيق للغاية وهو لا يستطيع ان يدخل في مفاوضات مارثونية مع النواب والاحزاب, فهل من خيارات بديلة لعبور مرحلة التكليف بسرعة ومن دون الاصطدام مع مجلس النواب والقوى السياسية ?

البديل العملي هو ان يطلب الرئيس المكلف من تلك الاطراف اسماء مرشحيها للمناصب الوزارية على ان تُتْرك له حرية اختيار من يراه مناسبا من بينها .

بالنسبة للحركة الاسلامية والاحزاب السياسية لا اعتقد ان هذا هو الوقت المناسب للاشتراك في حكومة, لان مشاركة شخصيات ملتزمة تنظيميا في حكومة غير حزبية قد ينتهي الى تعارض في المصالح بين الحزب والحكومة , الخيار الافضل هو ان يشرك الرئيس شخصيات مستقلة لكن مقربة من هذا التيار او ذاك وبتنسيق معه, بحيث تمثل الحكومة طيفا واسعا يحظى بدعم مختلف الاطراف من غير ان يرتب هذا الدعم على الحكومة او تلك الاطراف اية التزامات متبادلة في المستقبل .

القضية التي تحتاج الى تفكير هى مشاركة النواب في الحكومة, فهناك اكثر من اجتهاد في هذا الصدد. بالنسبة للنواب واضح ان لدى الكثيرين رغبة بالمشاركة , لكن الرئيس المكلف لم يدل برأيه في الموضوع .

اعتقد ان مشاركة النواب في هذه المرحلة ستساعد في انجاز تشريعات الاصلاح السياسي المطروحة على جدول اعمال المجلس . النواب هم الطرف الحاسم الذي لا يمكن الاستغناء عن دوره حاليا ولذلك ينبغي الحرص على منحهم دورا فاعلا ومؤثرا في الدورة الحاسمة والاخيرة من عمر مجلسهم . لكن تبقى المعضلة في تحقيق تمثيل مرض ومتوازن لمختلف الكتل والوجوه النيابية من دون التنازل عن مبدأ الكفاءة والنزاهة, وبما يضمن تأييد الاغلبية للحكومة . معادلة صعبة بلا شك, لكن الهدف يستحق المحاولة.