الجمارك الأردنية بمقياس المصلحة الوطنية

‏ تساهم الجمارك الأردنية برفد خزينة الدولة بما يقارب ثلث إيراداتها، فهذه الدائرة ذات الطبيعة ‏المالية البحتة استطاعت ومن خلال إدخال التطوير التقني في كثير من أعمالها الإجرائية إلى ‏الوصول إلى مستويات أداء ايجابية وساهمت بتغيير النظرة العامة لدى المتعاملين معها والتي ‏تعتبر الجمارك مؤسسة جباية إلى اعتبار الجمارك شريك استراتيجي في إدارة الأعمال ‏الاستثمارية والتنمية.‏ ‏ فاستطاعت الجمارك الأردنية ومن خلال أتمتة كثير من أعمالها الجمركية وتطوير موقعها ‏الالكتروني ليتمكن الجمهور المتعامل معها من متابعة جزء لا يستهان به من أعمالة من أي مكان ‏بدون الحاجة إلى مراجعة الدائرة والعمل ماضي أيضا لتحقيق هدف الدائرة بان تكون دائرة خالية ‏من المعاملات الورقية وذلك بالاعتماد الكامل على التقنية الالكترونية في هذا المجال مستفيدة من ‏كوادرها البشرية المتوفرة.‏ ‏ وفي الحقيقة انه من الصعب على دائرة الجمارك رغم كل التطوير الذي تشهده ان تصل إلى ‏درجة الرضا الكامل من متلقي الخدمة لديها فمن جهة المستثمرين والتجار لا تزال الأمور بحسب ‏وجهة نظرهم بحاجة إلى مزيد من التطوير وخصوصا فيما يتعلق بالعنصر البشري فهم يروا ان ‏الموظفين لا يتطورون بالسرعة التي تتطور بها أعمالهم الالكترونية فهم يركزوا على مقولة إن ‏الجمارك طورت العمل تقنيا ولم تطور العقول، ولعل عذر الموظف في ذلك انه مادام يعمل ‏بوظيفة ذات اثر مالي فهي تتوجب منه أن يكون حريص، فتوقيعه على أي معاملة جمركية يعتبر ‏مسئول عنه لخمس سنوات قادمة، ولن يرحمه احد إذا أخطا بسبب ضغط العمل أو لعذر تسهيل ‏الإجراءات، وخصوصا انه مقيد بنظام موظفي الجمارك الذي يعتبر صارم قياسا على نظام الخدمة ‏المدنية لباقي موظفي الدولة رغم انه خرج من رحمه.‏ ‏ أما من جهة البحارة وهم الفئة الأكثر تعامل مع موظفي الجمارك لكثرة ترددهم في المناطق ‏الحدودية دخولا وخروجا، فهذه الجهة تمتهن التجارة التي تقوم على تمرير بعض الكميات ‏الصغيرة من المواد الغذائية والدخان في كل سفرة، ويقتصر رضاهم على موظفي الجمارك على ‏مدى تساهل الموظفين معهم في ترسيم البضائع التي يحضرونها معهم من الحدود المقابلة، ويبدأ ‏الخلاف في حالة تجاوز حدود المسموح به من قبلهم، مما يتطلب استيفاء رسوم جمركية على ‏البضائع الأمر الذي لا يلاقي الترحيب من قبل البحارة.‏ ‏ ومن الجهات التي تتعامل أيضا مع الجمارك، المسافرين والذين يعبرون المناطق الحدودية أو ‏المطارات، فهؤلاء يقضي القانون بتفتيش أمتعتهم الشخصية وهذا بنظرهم مصدر إزعاج، ويبدأ ‏الخلاف بينهم وبين موظفي الجمارك في حال كان بحوزتهم أمتعه أو أجهزة تخضع للترسيم ‏الجمركي.‏ ‏ كما ان من الجهات التي تتعامل مع الكوادر الجمركية سائقي سيارات الشحن والنقل المختلفة، ‏فمرور هذه السيارات بالمراكز الحدودية والداخلية يخضعها لعملية التفتيش، والتي تعتبر في ‏نظرهم مضيعة وقت تناسيا منهم لأهمية هذه العملية في الوقاية من تهريب الممنوعات أو البضائع، ‏واثر ذلك على الاقتصاد الوطني فالنظرة عندهم فردية وبالنسبة لدائرة الجمارك فهذه الحوادث ‏الفردية ذات طبيعة متكررة وتصل أعداد القضايا المسجلة بها سنويا بالآلاف.‏ ‏ كما ان من الجهات التي تتعامل مع الكوادر الجمركية والتي تعتبر شريك في العمل هم موظفي ‏شركات التخليص الجمركي، والتي تتطلب أعمالهم التعامل المباشر مع موظفي الجمارك، وغالبا ‏ما تكون العلاقة بين الطرفين علاقة طيبة وخصوصا إذا توفر عنصر الثقة المتبادلة التي تعززه ‏الخبرة والتكرار في التعامل بين الطرفين رغم وجود محذورات في هذا الجانب، وصاحب السيادة ‏في هذا التعامل الموظف الجمركي، لأنه في النهاية هو المسئول عن المعاملة الجمركية المقدمة له ‏من شركة التخليص.‏ ‏ بالإضافة إلى تلك الجهات التي تتعامل معها كوادر الجمارك، هناك دوائر رسمية أخرى ترتبط ‏أعمالها بأعمال موظفي الجمارك، مثل المواصفات والمقاييس والزراعة وإدارة الترخيص وغيرها ‏من المؤسسات الأخرى، والتي في الغالب تكون إجراءات أعمالها واضحة ولا تحتمل الاختلاف، ‏وغالبا تسود العلاقة الطيبة بين هذه الجهات وموظفي الجمارك.‏ ‏ فدائرة الجمارك التي تتعامل مع حزمة من القوانين والاتفاقيات التجارية ومع فئات اجتماعية ‏متعددة ومع أصحاب مصالح متعارضة لن تكون قادرة على إرضاء كل المتعاملين معها بدرجة ‏معقولة ما دام مقياس التعامل يحدد برأي كل جهة تريد تقديم مصلحتها على مصالح الأطراف ‏الأخرى أما في حالة اعتماد مقياس واحد وهو المصلحة الوطنية فبذلك نستطيع قياس أداء الجمارك ‏الأردنية ونتصور ان التقدم والتطوير الذي تم في هذه الدائرة جدير بالاهتمام والاحترام والشكر.‏ kayedrkibat@gmail.com