عمر كلاب يكتب: الخصاونة والشوبكي.. بداية موفقة لمرحلة اصلاحية


من البداية، اثبت الرئيس المكلف ان الانتماء عملة نادرة وعنوان رئيس في المرحلة المقبلة وفي كل مرحلة, فالرجل تخلَّى عن منصب دولي من العيار الثقيل تلبية لنداء واجب وطني في ظرف حساس، معيدا الى الذاكرة جيل السابقين من رجالات الدولة الذين ساهموا في إعلاء بنيان الدولة ورفعتها وهيبتها.
التكليف جاء مرافقا لتغيير في دائرة المخابرات العامة عنوانه العودة الى المؤسسية وتراتبيتها في جهاز استراتيجي وحساس كان له الاثر الاكبر في حماية المنجز الوطني وتعزيزه وصونه، حتى بات الامن والامان عملة اردنية نادرة في اقليم متقلب على نار الانقلابات والتغييرات والحروب الثلاثينية والكونية الحديثة.
التغيير في العناوين السياسية والامنية بالتزامن يعني ان الملك يعيد من جديد القاطرة الى سكتها الاصلاحية بعد ان كادت القاطرة تنقلب وليس ان تتوقف وتتعثر, وكان لا بد من الحكمة الملكية التي دأبت ان تكون المنقذ وحائط الامان الاخير والازلي.
لم نعتد التفاؤل بالتغيير وحرصنا على ان ننتظر خطوات الحكومة والاجهزة كي نتفاءل او نتشاءم, لكن رياح التفاؤل هذه المرة ورغم انواء الربيع العربي باتت قابلة للهبوب على الحالة الاردنية بحكم ظلال الرجلين الخالية من شوائب الفساد والشخصنة وتقديمهما نماذج وطنية, فالخصاونة يحتفظ بسجل خالٍ من الفساد بل يحفل بسلوك يليق بقاضٍ نزيه عرفته المحافل الدولية بشهادة سلوك اكثر من حسن, والشوبكي ضابط محترف احتمل بصبر ما نمسك عن ذكره.
التغيير واعادة القاطرة الى سكتها بروح العصر والحداثة وبما ينسجم مع الدستور برائحة الخبز الطازج طهرا وبراءة, هما ابرز ما حفلت بهما رسالة التكليف الملكية التي رسمت خريطة طريق للاصلاح بعناوين واضحة وان كانت المرة الاولى التي يتحدث فيها الملك عن سلسلة مشاورات يجريها الرئيس المكلف مع الاحزاب والقوى السياسية, بمعنى ان شكل الحكومة ومضمونها مختلفان ايضا، وهي رسالة فيها الكثير, وعلى الاحزاب وتحديدا المعارضة، ان تقرأ هذا النهج الجديد بعين الحكمة فهو اشارة على القادم من الايام وشكل الحكومات القادمة بعد الانتخابات البرلمانية العام المقبل.
شخصية رئيس الحكومة مقبولة وتحمل مواصفات الرئيس الذي يحبه الاردنيون من حيث النزاهة ونظافة اليد, وسيكون هذا السياق هو المطلوب من الرئيس المكلف في اختياره فريقه الوزاري والرجل اطلق اشارة تحمل هذا المعنى منقولة عن الامام الجعفر الصادق الذي حذّر من رجل يتسع عليه المنصب ولعل هذا ابرز ما يضرب على اعصاب الاردنيين الحساسة ويجعلهم يعتبون ويغضبون.
الرسالة الملكية في التغيير تؤكد جدية الدولة في الاصلاح وتقطع دابر المشككين من جديد وعلى الاحزاب وقوى الحراك ان تمنح الحكومة فرصة التشكيل بهدوء وتأنٍّ وان تنظر الى المشهد بعين المستقبل والتفاؤل، فخريطة الطريق التي رسمها الملك في رسالة التكليف تكشف عن عمق الاصلاح القادم وجديته وملامسته وتحقيقه لكل طموحات الشارع الشعبي وشخصية الرئيس المكلف تنسجم مع هذه الرؤى والتطلعات وما نحتاجه جميعا عودة العقل الجمعي الى العمل للخروج من ظلال مرحلة الشك والريبة والانفصالية السائدة كرد فعل على ضبابية السلوك الحكومي السابق فهي ليست اصيلة في الشارع الاردني بل تعبير عن غضب وعتب.
الملك اطلق نفير التغيير وعلى الجميع ان يستجيب ويشارك في هذا النفير الوطني لنصل الى حكومة نموذجية يشارك فيها كل الوان الطيف السياسي الاردني وعلى رأسهم حزب جبهة العمل الاسلامي وباقي قوى المعارضة وتيار العقل الوطني ممن يعرف الازمة لكنه آثر الصمت احتجابا واحتجاجا, لان هذا السلوك لم يعد مقبولا ايضا.
امنيات التوفيق للرئيس المكلف والنصيحة كلها ان يكون الفريق المقبل ممن تكبر المناصب بهم، لا يكبرون بالمناصب، والشروط بسيطة.. نزاهة ونظافة يد وكفاءة.