تغيرات الحكومة والمخابرات..هل تنطلق القاطرة

من المبكّر جدا إطلاق حكم نهائي على قيمة تلك التغييرات التي حدثت بالأمس في مؤسسات الدولة، فقد رحلت الحكومة ورئيس المخابرات معا، ما يعني أننا نقف أمام مرحلة مختلفة.لكنّه في المقابل ثمة ارتياح عام من التغييرات، وثمة تفاؤل بأنّ ما جرى بالأمس سيكون بداية لخطوة كبيرة ينتهي بها ذلك التمترس الرسمي الذي وقف طويلا وبشدة لحماية سياسة "احتجاز الإصلاح وانفلات الفساد".صحيح أنّ النظام أنهى أعمال الحكومة من بوابة مخرج المذكّرة النيابية المقصودة، ولم يرغب بإظهار نفسه كمستجيب لحراك الشارع، إلاّ أنّ الحقيقة والتحليل تقتضيان الإقرار بأنّ الشارع اليوم هو من أنتج التغيرات تحت ضغطه ومطالباته.وبعيدا عن الشك واليقين في نوايا النظام، ارى أنّ تغيير الحكومة كان مسألة ملحّة،  فلم يعد بإمكان الدولة استعادة المبادرة إلاّ بهكذا خطوة، ولعلّ في تكليف عون الخصاونة ما قد يشي باحتمال أن يكون في جيب المخرجات شيء رشيد.أمّا التغيير الذي طاول رأس جهاز المخابرات، فأظنّه يحمل دلالات محتملة أيضا، وأتمنّى أن لا تكون أمنيات، فالرئيس الجديد للجهاز كان سفيرا في المغرب، وعاين تحوّلاتها الأخيرة، ولعلّه سيكون الربّان الذي يعيد الجهاز إلى وظيفته الدستورية ويمنع تدخّله في الحياة السياسية والمدنية.التغيير مطلوب أردنيا وبشدة، فقد ملّ الناس نموذج السير العشوائي للسياسات الحكومية المتعاقبة، وقد آن الأوان لوقف تلك الاختلالات الرئيسية التي يعاني منها جهاز اتّخاذ القرارات.دعونا نتفاءل وبحذر بما تم بالأمس، ودعونا نرجو أن تلحق تلك التغييرات بخطوات فارقة تؤكّد على نضوج إرادة الإصلاح لدى النظام السياسي.ولعلّ الخطوة المنتظرة القادمة التي قد تثبت ما ذهب إليه تفاؤلنا، لن تخرج عن الشروع بحوار جديّ مع القوى السياسية والاجتماعية، ومن ثم الوصول لتفاهم يريح كافة الأطراف، وتقديم حزمة تعديلات دستورية جديدة، على أن يكون ذلك في أجواء هادئة عنوانها غياب البلطجية والتدخّل الأمني في الحوار.لست من المعجبين الأشدّاء بعون الخصاونة، ولكنّي أتمنّى أن يكون قد تسلّم التكليف والصلاحيات والهوامش الواسعة معا، فالمرحلة دقيقة ونتمنّى أن تنطلق القاطرة.