دفع سوريا للهاوية

الحريصون على نهج المقاومة هم الذين يحقّ لهم نقد النظام السوري ورفض المعالجات الأمنية، وحتى تقديم النصائح، ومثل هؤلاء من الذين كانوا محسوبين كأصدقاء لسوريا، إنّما هم محل صدق وثقة، إذ أنّهم من ذات الموقف السياسي يرفضون الإجراءات الرسمية في التعامل مع الحراك الشعبي، ويطالبون بإصلاحات جديّة وسريعة تلبّي طموحات الشعب، وبالتالي استمرار المقاومة والسير بها قدماً في مواجهة العدو الإسرائيلي والصهيوني، وليس الاستمرار باحتكار السلطة.ولو أنّ النظام السوري تنبّه مبكراً لخطورة المعالجة الأمنية المفتوحة اللازمة لما وصل الحال إلى ما هو عليه.أمّا غير الحريصين على نهج المقاومة ولا يعنيهم أمرها، ويتبنّون خيار المفاوضات العقيمة فإنّه ليس من حقّهم التدخّل في الشأن السوري، وينطبق هذا الأمر على الأفراد والدول في آن معاً، فكما أنّه ليس من حقّ كاتب أو صحفي أو سياسي اعتاد العداء لسوريا أن يتصدّر أيّ منبر لإدّعاء الحرص على سوريا وشعبها، فإنّه أيضاً، ليس من حقّ الدول التي لا تعرف المقاومة ولا تؤمن بها أصلاً أن تذهب بعيداً في تدخّلها بالشأن السوري، وهي إن كان مقبولاً منها أن تكون واسطة خير، فإنّ ذلك لا يعني التفكير بالذهاب أبعد من ذلك.لقد خرج اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذي دعت إليه دول مجلس التعاون الخليجي من أجل مناقشة الوضع في سوريا بقرار يمهل دمشق أسبوعين، وبلجنة متابعة برئاسة قطر.وحقيقة الأمر أنّ في الجامعة العربية دولاً يلزمها إصلاح أضعاف ما يلزم سوريا، إذ تغيب عنها الديمقراطية تماماً، ويسود الاستبداد أكثر ما يكون أيضاً، وإن كان استبداداً ناعماً في بعض الأحيان. وهذا الواقع المرير هو ما يفقد دول الجامعة أيّ مشروعية لبحث الشأن السوري أو التدخّل به.ولأنّ الاجتماع خصص لسوريا دون اليمن، وكان بالإمكان جعله من أجلهما، فإنّ الريبة منه تكون أكثر ما يكون حتى لا يتحوّل إلى مقدّمة لفرض تدخّل أجنبي عسكري بغطاء عربي على غرار ما حدث في ليبيا.ليظلّ مطلوباً أكثر من أيّ وقت مضى، أن يبادر بشار الأسد لسحب البساط عبر إلغاء المظاهر العسكرية وإعلانه مبدأ تداول السلطة فوراً.