شيء من العقلانية أيتها الحكومة

جولة على الأرجل جنوب عمان حيث المدينة الصناعية في الوحدات، وورش الميكانيك تكشف عن حقيقة اختيار الكثير من اصحاب المهن الحرة والورش والمصالح الصغيرة إبقاء ورشهم ومحالهم مغلقة، لعجزهم عن استكمال شروط الرفع الجزئي للحظر والتي من ابرزها الاشتراك في الضمان.


لا يقتصر الامر على ورش الميكانيك واجهزة الكمبيوتر؛ فنقابة تجار الاقمشة والالبسة اعلنت ان 98% من محلات الألبسة والاحذية لن تستطيع العودة للعمل لأسباب عديدة، ابرزها الدفع الالكتروني، والبيع عن بعد، والأهم شبح الضمان!

الحكومة محقة في دعوتها أصحاب المهن إلى الاشتراك في الضمان الاجتماعي، ولكن هل الطلب واقعي بالنسبة لأصحاب المهن الحرة؟! إنه كالطلب من الحكومة ان يتحول التعليم الجامعي الى تعليم مجاني بالكامل! أو الطلب منها توفير تأمين صحي لكل مواطن: الغني والفقير، وعلى نحو عاجل لكافة المواطنين، ليصبح التعليم والصحة من هموم الماضي السحيق!

في الأمثال قالوا: اطلب المستطاع لتطاع.

لم يطالب أحد الحكومة بشيء مما ذكرت بإلحاح، ولم يغلق ورشته لأجل ذلك بل جعلها ملاذه، ولم يتذمر آلاف النجارين والحدادين والموسرجية والطوبرجية والميكانيكية وغيرهم، واحترموا الحظر الكلي والجزئي، وأنفقوا مدخراتهم القليلة بعد ان انشغلوا بأعمالهم وتطويرها دون قروض، او ديون منخفضة الفائدة، فأغلبهم لا يعرف إليها سبيلًا بحق وبصدق.

التزموا بأعمالهم، ودفعوا ضرائبهم، كما درس أبناؤهم من ارباح هذه الورش المتواضعة والمهن الشاقة، ليس بكالوريوس فقط، بل دكتوراة أيضًا على حساب ذويهم. منح كاملة لأبنائهم بل زوجاتهم من هذه الورش البسيطة التي يفتقد معظمها لدروات المياه كما يعلم الجميع!

الأَوْلى ان تنفق الاموال على تحسين ظروف العمل والصحة والسلامة؛ فخطر موجة ثانية من الفايروس قائم، ولنا في مدينة هوكايدو اليابانية مثال وعبرة؛ فهي نموذج للموجة الثانية.

شيء من العقلانية ضروري جدا في هذا التوقيت؛ فكثير منهم لا يعلم معنى الدفع الالكتروني! ولا المحفظة الالكترونية، وجلهم متعفف يريد ان يطعم اطفاله من عرق جبينه، ويستأنف حياته، ويقي نفسه الوباء.

شيء من العقلانية والحذر من موجة ثانية في الوقت ذاته!