مشروع دكتاتور

من متابعة ما جرى ويجري من ثورات في البلاد العربيّة ,وملاحظة وتتبع تصرّفات حكّام تلك الدّول , ابتدءا بطريقة مواجهة تلك الحركات الشّعبيّة , والعنف والقسوة الّتي استعملوها في محاولة للقضاء على الأزيز الذي سبّبه لهم ( أسراب من الزنابير ). وانتهاء باستماتتهم في الدّفاع عن مصالحهم وهيبتهم وامتيازاتهم وكراسيّهم . هل هؤلاء (الدّكتاتوريّون ) هم بتلك الصّفات منذ ولادتهم ؟ أم أنّ هناك أمورا وعوامل أثّرت عليهم فتغيّروا من حال إلى حال . بمعنى آخر هل كانت بداية فترة حكمهم كنهايتها ؟ما الّذي جعل خاتمتهم بذلك السّوء . يتمّ تعيين أحدهم مديرا لأحدى الدّوائر , يأتي وهو محمّل بآمال وطموحات أن يعمل بإخلاص وهمّة وحرص . يكون إنسانا طيّبا عفّ الّلسان نظيف اليد . وما هي إلا أيام فيبدأ مجموعة من( إيّاهم ) بالتّقرّب منه فيعرف هؤلاء (الشّبّيحة) ما يحب وما يكره , ما هي نقاط قوّته ونقاط ضعفه , ما هي مداخله ومخارجه . ثم يبدؤون بكيل المديح له وإيهامه بعبقريّته وحكمته وبأنّه ـــ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ــــ . فيصدّق ذلك ويبدأ بالتّصرّف على أساس أنّ المؤسسة ـــ بله ـــ البشريّة كانت بانتظاره ,وأنّه هدّيّة السّماء الى الأرض . ألم يقل أحدهم عن نفسه بأنّه (لا يسأل عمّا يفعل) , وبالمناسبة كان يطلق على نفسه (المؤمن) . يزيّنون له فعل كل فساد مالي أو إداري( بأسماء وعناوين لائقة ). طبعا يكونون هم أوّل من يستفيد من فساده . حال بعض الحكّام (الدّكاترة ) كحال صاحبنا المدير الذي بدأ بحال وانتهى بحال آخر. إنّ في داخل كلّ واحد منّا دكتاتورا صغيرا فان وجد الفرصة المناسبة كبر ونمى وتفرعن . الرّجل الّذي يشخط وينثر ويأمر ويتأمّر في البيت دون إعطاء أيّ مساحة من الحرّيّة للزّوجة والأولاد أو مشاركتهم بالرأي والمشورة, أليس دكتاتورا صغيرا بحاجة إلى ( تسميد) . إنّ التربية الصّالحة المتوازنة هي التي تهذّب السّلوك وتجعله منطقيّا رشيدا وتبعد عنه كلّ انحراف أو شذوذ في الفكر والتّصرّف . كما أنّ القوانين الرّادعة وتطبيقها تمنع وسوسة الشّيطان .ففي الأثر(إن الله يزع بالسّلطان ما لا يزع بالقرآن) . ورحم الله الأقدمين فقد قالوا (فرعون من فرعنك.......) .