كيف يتم استدراج ايران للتورط بمؤامرة السفير
في العام 1955 انفجرت فضيحة خبيثة عرفت وثبتت في التاريخ تحت اسم "فضيحة لافون" ولافون هذا كان يومها وزير الدفاع الاسرائيلي الذي جند مجموعة من منتسبي وعملاء الموساد لتدمير المركز الثقافي الامريكي في القاهرة وهدمه على رؤوس من فيه في ساعة الذروة لتجمع العاملين والمراجعين والدارسين، وقد كشفت مصر المؤامرة قبل وقوعها واعترف رجال وعملاء الموساد بانهم قد كلفوا من وزير الدفاع لافون بنسف مبنى المركز الثقافي الامريكي بالقاهرة وهو ما ادى الى اقالة لافون حينها واسقاطه نهائيا من الحياة السياسية في اسرائيل. لا تكاد تعد او تحصى المؤامرة التي لفقتها امريكا واسرائيل واضخمها سلسلة الافتراءات والاكاذيب بشأن امتلاك العراق اسلحة دمار شامل وتعاونه مع الجماعات الاسلامية المتطرفة وما ترتب عليها من ذرائع ومبررات لغزو العراق في العام 2003 وذبحه وتدميره خدمة لاسرائيل. واذا كان البعض لا زال ينسب احداث 11 ايلول 2001 الى نظرية المؤامرة الا ان الحقيقة هي ان 11 ايلول كان ضرورة امريكية صهيونية لانطلاقة الحرب العدائية التي سميت وقائية. واشير اليوم الى استدراج هذه الجهة او تلك لتقع في شرك التآمر على نفسها كما حدث على سبيل المثال في لقاء صدام غلاسبي وتشجيع العراق على غزو الكويت.. الخ. ومناسبة الكلام اليوم هو المؤامرة الايرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، وما هو واضح ان كل المعلومات والوقائع التي تم الاعلان عنها صحيحة، ولكن حتى لو قفزنا عن فرضية ان هنالك في حلقات المؤامرة الايرانية من هم على ارتباط بامريكا الا ان المؤكد حسب الرواية الامريكية فقد كانت هنالك عملية اغواء وتلفيقات واطمئنان الى قدرة المافيا المكسيكية على التنفيذ وليس سرا ان امريكا قصدت ان تتوقف المؤامرة في مرحلة التحضير والشروع وان لا تصل الى التنفيذ وبقتل السفير، وذلك مفهوم ومكشوف، فلو قتل السفير السعودي فان السعودية ستحمل امريكا المسؤولية، كما ان امريكا ستصبح مطالبة بالرد على ايران وربما انجرت الى مواجهة عسكرية واعادة نموذج غزو افغانستان والعراق 2003، ولكن امريكا الغارقة في مستنقع افغانستان ومتاهة العراق تعرف ان الحرب على ايران ليست نزهة، ولذلك قصدت امريكا ان يكون فخ مؤامرة قتل السفير السعودي في حدود التخطيط لقتله وهو ما يؤجج الخلافات في المنطقة ويسهم في عزل ايران اقليميا حيث ادانت كل بلدان المنطقة المجاورة والقريبة والبعيدة هذه المؤامرة. وقد لاحظنا جميعا ان امريكا بدأت محادثات واتصالات مباشرة مع ايران المحرجة والمضطرة للتخفيف من تداعيات الحدث الذي وصل الى مجلس الامن الدولي وما تريده امريكا هو ان تجبر ايران المحشورة على دفع ثمن لتجاوز المأزق السياسي ولفلفة الموضوع وتخفيض منسوب التشهير بها وتجنب مزيد من العزلة الدولية وكل ذلك خاضع للابتزاز الامريكي حاليا. افتضاح امر برمجة اغتيال ايران للسفير يذكرني بمؤامرة ماكرة تم تصنيفها من قبل المخابرات المركزية الامريكية في اواخر الخمسينيات كان لها هدف محدد وهو ضرب السعودية بالجمهورية العربية المتحدة يومها في العام 1958، وقد نجح رجل المخابرات المركزية عبدالحميد السراج المزروع في النظام الناصري في تحقيق هدف امريكا باحداث قطيعة بين الجمهورية المتحدة والسعودية، وقد برع السراج في تنفيذ المشروع الامريكي حينها لاحداث قطيعة بين الجمهورية والبلدان العربية، فقد كان وراء اغتيال الشهيد هزاع المجالي لتأجيج الصراع بين الاردن والجمهورية المتحدة، خدم المخطط الامريكي وتآمر بكل السبل على نظام قاسم اليساري في بغداد فاشفي غلّ الامريكيين الذين قدروا اندفاعته وشطارته في تنفيذ كل ما يريد سيادة الامريكان بما في ذلك تصفيات رموز وطنية مثل هزاع المجالي في الاردن، وعدنان المالكي في سوريا، والزعيم الشيوعي اللبناني فرج الله حلو الذي ذوبه السراج بالاسيد ليحول دون مطالبة السوفييت لعبدالناصر باخراجه.. الخ. في هذه الزاوية غدا ننشر تسلسل الوقائع والتفاصيل بالتواريخ والاسماء والارقام للمؤامرة التي لفقها السراج لاستدراج السعودية للمؤامرة التي تاجر فيها السراج وزاد من خديعته لعبدالناصر الذي كان ضحية لعملاء من امثال السراج ومنحرفين من امثال المشير عامر وصلاح نصر والسادات وغيرهم. والى الغد.