قد تحرق النار من يشعلها


لا شك أن أمتنا تمر بظروف صعبة لا ندري مآلاتها لأن ما يحدث هو مفاجأة للجميع وبكل المقاييس، وهذا يقتضي منا الانتباه والحذر واستخدام العقل بشكل جيد، فنحن أمة اعتادت على تغييب العقل ربما رد فعل على إغراق المعتزلة في استخدام العقل، وطغت علينا العاطفة، فقد رأينا الدعوة إلى القومية التركية كيف ولدت ردة فعل عربية استغلها الإنجليز ولم يوفوا للعرب بما وعدوهم به، ورأينا كيف تآمر العالم علينا وتم إنشاء «إسرائيل» فخاض العرب حرب 1948م بأسلحة فاسدة وبغير إعداد فحصلت النكبة، وتابعنا الأمر العاطفي فاعتقد أغلبنا بقيادة صاحب القاهر والظافر وإذ بالنكسة تقع فتضيع الضفة والجولان وسيناء، وجاءت أنظمة ثورية تعد الناس بالسمن والعسل والأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة وإذ بنا نفاجأ بالمقابر الجماعية والسحل والقتل والمشانق الجماعية وقتل الحريات وامتلاء السجون والناس بين قتيل وطريد وشريد!!.

واليوم ومع هبوب نسائم الربيع العربي على أكثر من بلد نتيجة للأنظمة الدكتاتورية التي استأثرت هي وزبانيتها وشللها بكل الخيرات حتى بلغ السيل الزبى فجاء الطوفان مزلزلاً وطار بن علي وسجن حسني ودخل القذافي جحره الصحراوي وصاحب ذلك شلال من الدماء كنا نستطيع حفظها لولا الغطرسة والتجبر.

إننا لا ندري متى تستقر الأمور لذا يجب أن نحذر من عودة الطغيان بثوب جديد!! لابد من استخدام العقل بوعي حتى لا تضيع دماء الشهداء فيقطف الثمرة من لا خلاق لهم.

ونحن في الأردن كشعب متعلم لنا مطالبنا الإصلاحية وهذا حقنا لكننا مدعوون لنحافظ على بلدنا من الخراب لا سمح الله تعالى، فرغبة سين أو صاد ان يكون رئيساً لبلدية لا يعني قطع الطريق لأن المتعلمين ليسوا قطاع طرق!! فالإسلام يمنعنا من قطع الطريق « أعطوا الطريق حقها، قالوا وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال: رد السلام وكف الأذى وغض البصر « طالبوا بالحسنى وأبواب المسؤولين مفتوحة ولكننا لن نحرق بلدنا من أجل مقعد في بلدية، ولن ندمر اقتصادنا من أجل حزب أو فئة تريد شل حركة البلد، اعتصموا وطالبوا واحتجوا ولكن دون إلحاق الأذى ببلدنا الذي يحسدنا عليه كثيرون، في بلدنا فساد ولهذا أسست الدولة هيئة لمكافحة الفساد، في بلدنا أخطاء وخطايا ولكننا لن نرتكب الكبائر في سبيل مصلحة لزيد أو عبيد أو باحث عن كرسي أو من يعاني من الشيزوفرينيا. نريد في زحمة الأحداث أن ننتبه بنظرة كلية أن هناك متربصين وأولهم الصهاينة الذين يتمنون الفوضى في الأردن لينفذوا التهجير القسري وليقولوا للعالم هناك دولة فلسطين لا هنا.

إنتبهوا أبناء بلدي وتحلوا بالوعي حتى لا ننزلق إلى ما لا تحمد عقباه.