على كل ثري أن يحدد موقفه

في ظلّ إحجام وتلكؤ كثير من أثريائنا، وعدم هبتهم إلى مساعدة أهلهم في محنة كورونا، بمد يد العون للمتضررين أو التبرع إلى صندوق همة وطن. في ظل هذا الجحود البليد يطالب البعض أن يتم تفعيل شوكة قانون الدفاع، بما يخوّل رئيس الوزراء وضع اليد على أموالهم المنقولة لصالح التكافل الاجتماعي.

للأسف هذا اقتراح سطحي، وغير منطقي، ولا يليق بنا كدولة تحترم الإنسان وملكيته. ولكن ذلك لا يمنع أبداً، أن نقترح اللجوء إلى حلول ابتكارية ذكية من خلال قانون الدفاع تحث، أو حتى تجبر، بعض رؤوس الأموال الكبيرة أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه بلدهم.

أين اختفى كثير من أثريائنا؟ أين لاذوا؟ وكيف انسلخوا عند جلدتهم؟. كيف لهم أن يسمعوا أنين المتضررين ويغضوا الطرف عنهم؟. أم أنهم يتهربون من المواجهة الأخلاقية والإنسانية، كما دأب بعضهم على التهرب من الضرائب والاحتيال على مقدارها؟.

الكبار يظهرون عند اشتداد الخطوب والكروب. الكبار لا يخنسون في جلودهم السميكة؟ أم أن بعض أثريائنا يعيشون الفقر وخوفه حقاً، رغم ثرائهم. فثمة فرق بين الثراء والغنى. أم إنهم يعيشون حياة مرهونة للهاث وراء التزايد في الأرباح ومفاقمتها. ويؤلمهم أن تنقص أرصدتهم فلساً.

أين اختفوا؟ اين كبار الأطباء؟ وشركات المقاولات؟ وشركات الاتصالات وغيرهم؟. أم أنهم هنا فقط معنا أجسادهم، بينما عقولهم في مدرات أخرى لا تعنينا بشيء، ولا تخرج عن أنانية قميئة. ولربما لو كان السفر مفتوحاً لم يبق منهم أحد في حيزنا الجغرافي.

البعض يصفهم بالعلقن الذي مهمته تنحصر في مص الدماء. وآخرون يصفونهم بالفقراء نفسياً وروحياً. فيما يرى كثير من الناس بأن أثرياءنا، وخاصة الطارئون منهم، لم يعتادوا التفكير في الصالح العام. هم رهنوا أنفسهم لأنفسهم فقط. ولا يفكرون إلا في كيف يغدو القرش ديناراً.

أرى أن يتم إرسال رسالة خاصة من قبل صندوق همة وطن إلى كل ثري من هؤلاء، تطلب منه أن يحدّد موقفه بوضوح. نحن لا نتسوّل من أحد، ولكننا نريد من كل ذي قدرة أن يحدد موقفه بالضبط، إما بالوقوف مع الوطن، أو مع نفسه؟.

وكما أصدر الصندوق قائمة بيضاء بأسماء من تبرعوا له. أرى أن نلجأ بعد أن نتلقى ردودا على الرسالة إلى اعلان قوائم سوداء، تضم من ضنّوا بقرشهم الأبيض المكنوز في غياهب البنوك على أهلهم في يومهم الأسود.

السعادة في العطاء لو يعلمون!. فقط لو يجرّبون هذه الوصفة. لو يتعلمون من مليارديرية العالم، الذين وضعوا ثرواتهم في خدمة الإنسانية. لو يتعلموا من بيل غيتس. لو يتفهمون معنى الموت إذ يعيدنا إلى ترب الأرض صفر اليدين.