الأردنيونَ من الكشرة إلى الضحكة.. طيبةٌ مؤصلةٌ
تلك كانت أحداث قاسية متتالية لم يأخذ الأردنيون فيها أنفاسهم ولم تسترح عقولهم وأجسادهم من التعب وإعمال العقل، ولم يكن بالطبع مجال للقهقهة والضحك أو حتى للابتسامة واللهو، فقد أشغلتهم الفتن والحروب عنها جميعا، وقد عرف عنهم العبوس أو ما يسمى الكشرة وهي مرتبطة دلاليا بالأسود ذلك كان مظهرا عاما متوارثا، و على الرغم من ذلك لم تخلْ أجواؤهم من نكات ذات مدلول سياسي واجتماعي واقتصادي حتى اختاروا مناطق بعينها لتكون مستودع نكاتهم وطرفهم، وقد أصبح أهلُ تلك المناطق أكثرَ الأردنيين إبداعا في حياكة النكت ولو على أنفسهم.
ومع المنصات الاجتماعية أضحت صياغة الطرف والنكات صناعة ومهارة لا تطلق إلا لتعبر عن موقف رافض أو مؤيد بأسلوب فكاهي مغلف بكوميديا أو تراجيديا تجاوزت المسرح الفكاهي الذي كان احترافا أردنيا خالصا، من رجاله : هاشم يانس ونبيل صوالحة وموسى حجازين الذي لا يقل كوميدية فنية ساخرة عن كبارها في الوطن العربي.
وكانت الكرونا مؤخرًا بكل مآسيها الإنسانية مسرحا مفتوحًا للأردنيين لإبداع الطرف بأساليب تلتقي فيها معًا السخرية والنقد والتوجيه والمتعة مما حول المنصات الاجتماعية إلى مسرح فكاهي نقدي مفتوح لكل المبدعين دون مس بكرامة الناس أو تجريح لشخص ما، وكان ذلك تنفيسا اجتماعيا عن مخزون الإبداع من ناحية وعن حرية منضبطة بأخلاق الدين وأعراف المجتمع وتسلية للمتابعين وهم كثر، أحيانا بالفيديو وأخرى بالصورة وأحيانا بالكلمة، وأكثرها لا يفهمها إلا الأردنيون بكل ثقافاتهم، إنه الأردني فارسا ومبدعا وصانعا للابتسامة بكل مدلولاتها الحضارية والتاريخية والسياسية والأدبية والتوعوية، لقد استمتعنا بقدر حزننا، شكرًا لكل من يجبر وجوهنا على الابتسامة وعقولنا على التأمل