حوارية عشاء الإخوان عند الشيخ سليمان
مهما كانت قيمة أو مستوى الحوارات التي تنطلق حول قضايا الاردن المحلية والدولية ومهما كان تمثيل وصفة المتحدث فيها فأنني اعتقد ان مجرد الجلوس على طاولة الحوارات تعتبر غاية في الأهمية وان وصل الهدف منها إلى مرحلة الإنعاش وتنظيم الخطوات والهرولة للحاق بباقي المهرولين المغمورين بمطالب الإصلاح في الشارع .
ولقد اكتسب لقاء العشاء الحواري – مشكaورا عليه - الذي أقامه النائب السابق الشيخ سليمان الريموني وجمع نخبة من الصحفيين وممثلي حراك الإصلاح والأحزاب في جرش مساء الخميس قيمة خاصة وانطلق بأكثر من محور ودلالة .
فالمعروف إن الشيخ سليمان لا يكلّ ولا يملّ ، ولا يضع العصا عن عاتقه ، يحتل مكانة توفيقية في جرش، كما وصفها احد الصحفيين الحضور: أنه محبوب من المعارضة والموالاة ، رغم أن بعض الحضور غمز حينما سمع الوصف بكلمة "المولاة " ، واعتبرها غمز من الواصف من طرف خفي ، ولربما غير مقصود ، إلا أن الحقيقة والواقع تؤكد أن الشيخ سليمان شخصية محترمة ومقبولة ولا بديل له عن دوره ، وقد حرت محاولات من البعض الزج بآخرين من الحركة وخارجها لاحتلال دوره فلم تتحقق لهم غاية ، لان ترويض حصان دوره شرس جدا ، يحتاج إلى صبر وجلد وقدرة عجيبة خاصة لا تتوفر إلا فيه ، فالشيخ عنده قدره خاصة – أعانه الله - لاستقبال الأرامل والمعوزين والأيتام والفقراء في لحظة كانت ، ويبدؤون بالتنا سر إليه منذ ساعات الفجر الباكر ، بيد أن لديه استعداد وصبر لاستقبال تلفونات التكليف بالدخالة وعطوات القتل والشرف والمشاجرات والواسطات من مختلف مواطني المملكة حتى لو حصلت في ساعات ما بعد منتصف الليل ، وان استدعت الحاجة إلى السفر لساعات طويلة لهذه الغاية ، وكفالة مئات المقترضين من البنك الإسلامي ، وان لا يجد له معاشا نتيجة لذلك عددا من المرّات خلال العام الواحد ، وان يسكت على مضض ولو وجد عدة خصومات على راتبه التقاعدي في أي شهر ، ومتابعة آلاف القضايا الحزبية والسياسية والمحلية والمسيرات والاحتجاجات والخطابات ، والآلاف من قضايا جاهات الزواج والطلاق والعزاءات والولائم الاجتماعية معا ، ومن هذا المنطلق يعتبر بعض الصداقات إن صحبته مزعجة من هذا الاتجاه ، ولذا لا يثبت في رفقته إلا قليل .
وقد استضافت الجلسة الكاتب الفلسطيني فرج شلهوب للحديث عن شان وموقف الإخوان المسلمون مما وصلت إليه حركة الإصلاح في الأردن ، وشلهوب هو من أبناء قطاع غزة الذين يقيمون في مخيم غزة في جرش ، ولم يأت بجديد في موضوع رؤية الجماعة الجامعة المعروفة والتي تنادي في اعلي سقفها بعيدا عن إسقاط النظام بتغييرات وتعديلات جوهرية في بنية نظام الحكم الأساسية بدلا من تعديلات سطحية ، وان المطلوب هو جدية حقيقية في الإصلاح ، وإحداث تغييرات في بنية النظام الأساسية تمكن الشعب من ان يكون مصدرا حقيقياً للسلطة ، وان ما يجري هو ترويج لتعديلات دستورية واجراءات اقل بكثير من مستوى مطالب وطموحات الشعب الأردني .
واللافت في إجابة الكاتب كان على سؤال لأحد المستقيلين من العمل السياسي وتيار ال36 حول موقف الجماعة من معادلة الهوية الاردننية بان لا تقسم على 2 ، هو المغالطة في الإجابة من حيث معاملة الفلسطينيين في الأردن ، تماما على فرضية كما لو أن إسرائيل احتلت جنوب الأردن وتهجر الجنوب إلى الشمال ، وليس على فرضية أن الفلسطينيين مهما كانت جنسيتهم وتوطينهم هم ضيوف على بلدانهم ، مشكلتهم قائمة تجب عودتهم وحقهم يتمثل في حقهم في دولتهم على أرضهم وليس في أي قطر أخر ، الإجابة كانت توحي بان الوطن العربي قوميا مفتوح الهوية يحق لأي منا الحصول على هوية أي قطر شاء ، كما وتوحي أن السلطة والمنظمة وفتح ليست مسئولة عن الهوية الفلسطينية وان لا خلاف مع الاردن حول الهوية الفلسطينية ، كما وتوحي أيضا أن العلاقة السياسية بين الأردن والسلطة لم تتغير منذ زمن وحدة 1951 ، وان المنظمة لم تطلب فك الارتباط ، أو انه لا يوجد تفريغ للأرض الفلسطينية ، وان جميع الفلسطينيين هنا وهناك في معيار واحد أردنيون ولا مانع بان يعيشوا على الأرض الأردنية ، وهي أفكار تفترق كما الفرق بين الخيال والواقع فأين المطلوب والتمسك بمطلب فلسطين ارض عربية من البحر إلى النهر .