المدارس الخاصة في ظل ازمة كورونا .... هموم وتحديات


منذ أن اندلعت أزمة الوباء العالمي كورونا، اتخذت العديد من الدول الكثير من الاجراءات الاحترازية لمواجهة هذا الوباء والحد من سرعة انتشاره بين المواطنين، ومن ضمن الاجراءات المتبعة في الأردن على سبيل المثال لا الحصر قرار تعطيل المدارس والجامعات حفاظا على سلامة الطلبة وذويهم، مع متابعة التعليم عن بعد.

وفي الحقيقة فان التعليم الافتراضي ليس بالأمر الجديد عالميا مع تطور تقنيات الاتصال والتواصل من خلال الشبكة العنكبوتية، واصبحت تدار الكثير من الجلسات والمؤتمرات والدورات التدريبية عن بعد من خلال الغرفة الصفية الافتراضية، والأردن جزء من هذا العالم المتطور خاصة وقد عملت الأردن على تجهيز البنية التحتية اللازمة لذلك، وللحقيقة فان شركات الاتصالات قد توسعت بهذا المجال وقدمت الخدمات الأكثر تطورا في العالم حتى اصبح الانترنت على سبيل المثال جزء من المستلزمات الضرورية لكل منزل ولكل شخص.

ومن هنا جاء القرار الأردني باستخدام التعليم عن بعد؛ ليبقى الطلبة على تواصل مع العملية التعليمية " يوم بيوم" والتواصل مع المعلمين ضمن برنامج وآلية عمل تم انجازها بوقت قياسي.

صحيح اننا لم نكن على استعداد تام للعمل على منهجية العمل في التعليم عن بعد، خاصة وانه لم يتم اختبار هذه الآلية من قبل لكل من إدارة المدرسة والمعلم والطالب والأهالي الذين يتابعون انجازات ابنائهم في هذه المجال؛ الا انه بدأ العمل عليها وتذليل بعض الصعوبات التي تعترض كل اطراف العملية التعليمية. ولكن بشكلٍ غير متساوٍ لاختلاف المستويات الاجتماعية والتعليمية.

ولكن ظهرت بعض العيوب والاشكاليات التي لا بد من ان تتؤخذ بعين الاعتبار والعمل على ايجاد حلول منطقية تلبي احتياجات الجميع ومنها:-

- من حيث الطلبة والأهالي لا يزال التواصل والحصول على المهارة في اكتساب المعلومة دون المستوى المأمول بسبب عدم التهيؤ المسبق لمثل هذا الظرف الطارىء، فهنالك الكثير من العائلات التي لا تمتلك اجهزة كمبيوتر في منازلها، والبعض كان يحتاج الى تحديث الأجهزة واعدادها بشكل يتناسب مع المرحلة، ناهيك عن مشاكل الانترنت وسرعاتها وتغطيتها فهي تختلف من منطقة لأخرى ومن بيت لبيت ضمن العمارة الواحدة، يضاف الى ذلك ان هنالك شريحة لا يستهان بها غير مشتركة بخدمات الانترنت بالمطلق وغير قادرة على الاشتراك في ظل الحظر المفروض على مكاتب وفروع شركات الاتصالات المختلفة.

-بالنسبة للمعلمين فقد طلبت منهم ادارات المدارس العمل ليل نهار لانجاز اوراق العمل وشرح الدروس واوراق العمل لايصالها للطلبة والتواصل معهم ومع الأهالي وادارات مدارسهم للرد على اية استفسارات، وهنا يسجل لجميع المعلمين هؤلاء الجنود المجهولون ذلك الانجاز غير المنظور للكثيرين لانجاح مفهوم التعليم عن بعد والبقاء في حالة تواصل مع جميع اطراف العملية التعليمية ليلا ونهارا حيث زادت ساعات العمل والمجهود المبذول من قبل المعلمين ما يفوق طاقاتهم فعلا ولكنهم اظهروا ثبات موقفهم وتصميمهم على انجاز التعليم عن بعد واجتياز هذه المرحلة دون ان يتحمل الطلبة تبعات توقف التعليم في المدارس، علما بان العديد من المعلمين ايضا يعانون الأمرين في تحميل المواد التعليمية على انظمة التعليم عن بعد وخاصة في قطاع التعليم الخاص، وكذلك عدم الاستعداد مسبقا في تجهيز انفسهم لهذه الغاية ، وكذلك الأمر فان نسبة كبيرة من المعليمن لم يكن لديها التدريب المسبق على مثل هذه الانظمة من التعليم.

-المدارس وهنا سيكون التركيز على المدارس الخاصة، وكانت هنا ادارات المدارس على مستوى المسؤولية بالفعل، وعملت جاهدة على اعداد منظومة التعليم عن بعد والعمل مع المعلمين والمشرفين لانجاز المواد التعليمية اللازمة للطلبة والتواصل معهم وتطوير المادة التعليمية ضمن وقت قياسي فعلا، ومتابعة اعمال المعلمين وتقييم أعمالهم وتذليل بعض الصعوبات التي تواجههم ليصبح التعليم عن بعد ممكنا في هذا الظرف القاهر.

ولا بد هنا من تسجيل الشكر لجميع المدارس في المملكة الأردنية الهاشمية بمعلميها وإدارييها على الجهد الرائع الذي يسجل لهم وخاصة إدارات المدارس الخاصة المحترمة التي قامت بدورها بكل مسؤولية كمؤسسات وطنية همها هم وطني كبير، فهي من ناحية عملت على استدامة العملية التعليمية بحزم وارادة منقطعة النظير، وحافظت على جميع موظفيها من المعلمين والاداريين وجميع العاملين، وتسليمهم كافة رواتبهم بشكل كامل كي يعدوا انفسهم كباقي المواطنين لمواجهة الازمة وتموين احتياجاتهم الضرورية، والعديد من المدارس المحترمة ايضا قدمت التسهيلات والقروض الميسرة، ووقفت الى جانب موظفيها في هذه الفترة الحرجة وقفة الأب مع ابنائه وأخص بالذكر هنا المدارس والمؤسسات التعليمية الكبرى وفي مقدمتها مدارس الأمانة العامة للمدارس المسيحية والتي سجلت موقفا وطنيا يحتذى.

وفي المقابل فإننا نأسف لبعض التصريحات التي صدرت من قبل نقابة اصحاب المدارس الخاصة وادارات بعض المدارس والتي نطلق عليها مسمى _ دكاكين التعليم - التي رفضت تسليم الموظفين رواتبهم وتركتهم في ظروف صعبة للغاية وتخلت عنهم في اشد الظروف حاجة، فكان موقفا غير مألوف للحقيقة ومستغرب من الجميع، علما بأن موظفي هذه المدارس هم الأشد حاجة وينبغي الوقوف معهم وهذا هو المطلوب من هذه الادارات في ظل الظرف القاهر، وهو ظرف حرب ضروس مع الفيروس، بحجة أن معظم الطلبة لم يدفعوا الأقساط المستحقة عليهم بسبب العطلة الطارئة، وهذا الكلام مردود عليهم قلبا وقالبا واقول هذا لانني من رحم المدارس الخاصة التي تستوفي الاقساط منذ الفصل الدراسي الأول وقلة قليلة يتبقى عليها قسط او اثنين على اقصى تقدير وبالعادة يكون اخر قسط مستحق على الطلبة نهاية شهر نيسان لتكون جميع الأقساط مسددة، ويبقى هنالك ما نسبته 5% تقريبا من الأهالي متعثرين، لأسباب مختلفة، خلاصة القول ان هذه الحجج واهية وغير مبررة للامتناع عن تسليم الموظفين لرواتبهم، والبعض الآخر من دكاكين التعليم التي عملت على استغلال التعليم عن بعد وارباك الأهل والطلبة والمعلمين لتثبت للأهالي اننا نعمل ونبذل مجهود كبير وبشكل مبالغ فيه خوفا من تنصل بعض الأهالي من دفع المستحقات المترتبة عليهم من الأقساط للمدارس والتلويح باتخاذ اجراءات قانونية ضد الأهالي اذا لم يلتزموا بدفع الأقساط وتصرفات اخرى غير مبررة

في النهاية نقول اننا نعبر منحنىً خطير على المستوى الوطني يتطلب منا جميعا ان نكون يدا واحدة ومتعاونون لاجتياز المرحلة بنجاح، ونحن على رهان بأن المجتمع الأردني بإذن الله قادرٌ على عبور هذا النفق المظلم بنجاح ليصل النور الى الجميع بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وحكومتنا الرشيدة التي ضربت مثلا في حسن الادارة والتدبير لتخطي الظرف الصعب

حمى الله الأردن ملكا وحكومة وشعبا من كل الشرور والأخطار