لسنا دولة عميقة!

اخبار البلد-

 
في إطار مدح الاداء المميز واللافت للحكومة كذراع تنفيذية للدولة الأردنية في التعاطي مع أزمة وتحدي فيروس كورونا، ردد الكثيرون مصطلح أن الأردن «دولة عميقة» لاعتقادهم أن الدولة العميقة تعني فيما تعنيه «الدولة القوية الكفؤة أو الدولة القادرة»، وهو اعتقاد خاطئ، فالدولة العميقة هي في أغلب الأحوال تعني الدولة الشمولية أو الدولة التي تحكمها قوى خفية داخل الدولة أو المجتمع، لا تظهر على مسرح الأحداث ولا تُرى في المشهد العام ومن أبرز الأمثلة على هذا النمط من الدول هي الصين التى يحكمها «حزب حديدي عقائدي» يتخذ القرار ويقوم الرئيس والأجهزة الأمنية والعسكرية بتنفيذه دون معرفة أو اطلاع أو مشاركة من الشعب، وهناك بعض دول الإقليم مازالت تعيش في طور الدولة العميقة ولا تستطيع التحرر من أجهزتها السرية سواء أكانت بوليسية أو قوى مالية مهيمنة أو شخصيات سياسية تتدخل بصنع القرار بلا أي صفة قانونية أو وظيفية والتي تسمى «مراكز القوى»، أما نحن في الأردن فدولة مؤسسات وهو المصطلح الصحيح الذي يجب إطلاقه على الدولة الأردنية والتي على راسها جلالة الملك الذي يحكم وفقاً لدستور واضح فصل بين السلطات وحدد صلاحيات كل سلطة بدقة شديدة لا لبس فيها وكان ومازال هذا الدستور يشكل «عقدنا الاجتماعي» منذ أن كُتب أول مرة تحت مسمى «النظام الأساسي عام 1928»، مروراً بدستور عام 1947 وصولاً لدستور عام 1952 حيث كان هذا الدستور يتطور وفقاً لتطور الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الدولة الأردنية ومن أبرز تلك التطورات استقلال إمارة شرق الأردن، وتحولها إلى مملكة في 25/5/1946، وأصبح الأمير عبد الله بن الحسين منذ ذلك الوقت ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية، وصدور قرار الوحدة بين الضفتين (الشرقية والغربية) عام 1950

إن تحدي فيروس كورونا ومحنته وبكل تعقيداته الصحية والاجتماعية والاقتصادية لم يدفع الدولة الأردنية إلى التجاوز على الدستور أو التعدي عليه بل على العكس من ذلك حرصت الدولة على معالجة هذا الظرف الطارئ والدقيق وفقاً لأحكام الدستور وعملاً بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992اعتبارا من 17 آذار/ مارس 2020 وفقاً للدستور في المادة 124

وشاهدنا كيف كان وزير الدولة لشؤون الإعلام يعلن في كل مرحلة من مراحل المعالجة الطارئة المقتضي القانوني لأوامر الدفاع المتخذة من مجلس الوزراء

لقد نجحت الدولة الأردنية في هذا الظرف الدقيق والصعب في المحافظة على مدنيتها ومرونتها وأثبتت أنها دولة تدار بشكل مؤسسي وبشفافية عاليه جداً، وأن العميق فيها هو قدرتها وخبرتها في مجابهة التحديات