280 مليون دولار خسارة الخزينة جراء ارتفاع سعر الين

في ظل التركيبة الراسمالية للاقتصاد, تواجه الدول مخاطر الركود الاقتصادي من خلال السياسة المالية والنقدية, حيت تتولى الاولى الحكومة بانفاقها الرأسمالي بينما يتولى الثانية البنك المركزي بادواته النقدية المختلفة.
المركزي وحيدا في مواجهة الركود
عجز الموازنة المتفاقم ومديونية الحكومة التي تجاوزت ال¯60% من حجم الاقتصاد بدا يكبل يدي الحكومة مانعا اياها من التوسع في الانفاق الرأسمالي الهادف لتحريك عجلة الاقتصاد.
بل ان العكس بدأ في الحدوث, حيث تقوم الحكومات الاردنية مؤخرا بتقنين الاستثمار الراسمالي وتجميده في احيان اخرى للمحافظة على مستويات العجز ضمن الحدود المعقولة.
بذلك, يجد البنك المركزي نفسه وحيدا في مواجهة نمو اقتصادي هزيل قد يدفع المملكة الى كساد اقتصادي يصعب تداركه.
اما الادوات التقليدية التي يتسلح بها المركزي لدفع النمو فيمكن اختصارها بتخفيض الفائدة ونسب الاحتياطي الالزامي على الودائع. وصف هذه الادوات بالتقليدية يدل على وجود اخرى غير تقليدية يمكن للبنك المركزي استخدامها متجاوزا بذلك دوره التقليدي والرسمي بالمحافظة على استقرار اسعار السلع والخدمات ضمن المنظومة الاقتصادية.
الازمة المالية العالمية تزيد من ابداعية البنوك المركزية
تقليديا, تسعى البنوك المركزية الى استخدام الادوات النقدية للمحافظة على المستوى العام للاسعار. الازمة المالية العالمية و ما رافقها من تداعيات استثنائية وتراجع في موازنات الحكومات, دفعت بالبنوك المركزية الى البحث عن وسائل غير تقليدية مبتكرة لمحاربة الكساد ودفع عجلة النمو.
الامثلة على ذلك كثيرة منها قيام الفيدرالي الامريكي بشراء السندات الحكومية وشراء المركزي القطري لاصول البنوك المتعثرة وقيام المركزي البرازيلي بفرض تأمينات نقدية على المشتقات المالية و غيرها الكثير من السياسات التي لم تعتد البنوك المركزية على انتهاجها في الظروف الاعتيادية.
اما هدف هذه الوسائل فيتركز في منع الانجراف الى مربع الكساد و تغطية عجز الحكومات عن دفع النمو وهي المثقلة بمديونية مرتفعة و عجز متعاظم. اللافت في كل هذه الادوات غير الاعتيادية اختلافها بين دولة و اخرى بحسب خصائص اقتصاداتها وطبيعة المشكلات الاقتصادية التي تواجهها.
الامر الذي يدفع بالتفكير الى جدوى انتهاج المركزي الاردني لسياسات مبتكرة بهدف انقاذ البلاد من غياهب ازمة اقتصادية محتملة. اما ما يزيد من التفكير في هذا الاتجاه, فقيام البنك المركزي ببعض المبادرات غير التقليدية خلال السنوات الماضية رغم النجاح المحدود لهذه المبادرات.
فقد قام البنك المركزي بدعم انواع معينة من القروض وذلك بتحرير جزء من الاحتياطات الالزامية للبنوك المانحة بهدف زيادة ربحيتها وحفزها بالتالي لتوجيه قروضها باتجاه القطاعات الاكثر حاجة. قروض سكن كريم لعيش كريم وقروض الشركات المتوسطة والصغيرة حظيت بهذا الدعم خلال الفترة السابقة بمبادرة بناءة من البنك المركزي.
تخفيض فوائد الدينار وسيلة تقليدية مقترحة
ومن شأن قيام البنك المركزي بتخفيض جديد على فوائد الدينار الاسهام في دفع عجلة النمو وتخفيف عبء خدمة الدين للافراد و الحكومة والشركات.
بالنسبة لدفع عجلة النمو, يزيد تخفيض الفوائد من حافز البنوك للاقراض على فوائد منافسة خصوصا و ان فائدة الاقراض قد بدأت فعلا بالانخفاض نتيجة ارتفاع مستويات السيولة وازدياد تنافس البنوك على اقراض الافراد والشركات.
كما يضمن التخفيض المقترح لفائدة الدينار من جهة اخرى عدم ارتفاع فائدة الودائع الذي يقلل من اقبال المدخرين على الاستثمار. كذلك, ستستفيد الحكومة من مثل هذا التحرك لما سينتج عنه من انخفاض في فائدة السندات الحكومية والتي باتت تشكل مع غيرها من مصاريف خدمة الدين العام نصف عجز الموازنة السنوي. الامر الذي تزيد اهميته بسبب تركز الكم الاكبر من استحقاقات السندات الحكومية خلال السنة المقبلة.
بمعنى ان تخفيض الفوائد الان سيسهم بتخفيض الفائدة على السندات التي ستطرح مقابل تلك التي تستحق بكم كبير خلال سنة .2012 تخفيض فائدة السندات الحكومية يسهم ايضا بعكس صورة افضل عن الاقتصاد المحلي بأعين وكالات التصنيف الائتماني و التي قامت مؤخرا بتخفيض تصنيف تلك السندات.
التوقيت موات لتخفيض الفوائد
التوقيت الحالي يعتبر مواتيا لتخفيض فائدة الدينار حيث فوائد الدولار عند ادنى مستوياتها حتى منتصف ال¯ ,2013 حيث اسعار النفط تتهاوى مخففة من الضغوط التضخمية و الاثر العكسي على ميزان المدفوعات.
فقد اعلن الفيدرالي الامريكي مؤخرا عن نيته ابقاء فوائد الدولار قريبة ال 0.00% حتى نهاية منتصف 2013 ما سيسمح للدينار بالحفاظ على جاذبيته بهامش مريح عن فائدة الدولار لنفس الفترة. كما ان التنبيه هنا مهم بان الفائدة المؤثرة على جاذبية الدينار هي فائدة الودائع و التي لا يتوقع لها ان تنخفض جوهريا اذا ما خفض المركزي فوائد الدينار, ذلك ان الودائع في الاردن محدودة بالنسبة لعدد البنوك التي تتنافس عليها كما تظهر معظم التقارير الدولية عن الاقتصاد الاردني. كذلك, يمكن للبنك المركزي منع تراجع فائدة الودائع من خلال تعديل اسس احتساب نسب السيولة القانونية للبنوك و غيرها من النسب القانونية بشكل يدفع البنوك الى التنافس بشكل اكبر على ودائع العملاء و لو باسعار فائدة اعلى.
اما بالنسبة لموضوع التضخم, و الذي يشكل الهاجس الاكبر لدى الاقتصاديين عند الحديث عن تخفيض الفائدة, فلا بد من تذكر ان ارتفاع الاسعار في الاردن بمعظمه مستورد ناتج عن ارتفاع اسعار النقط و الغذاء في الاسواق العالمية.
بمعنى ان تحرك الفوائد صعودا او هبوطا في الاردن غير ذي اثر ملحوظ على نسب التضخم التي لا تقف وراءها في الاردن عوامل العرض و الطلب و الانفاق الاستهلاكي. خاصية ضعف تجاوب معدلات التضخم في الاردن مع اسعار فائدة الدينار ارتفاعا وانخفاضا تزيد من المساحة التي يملكها البنك المركزي لتخفيض فائدة الدينار.
تخفيف محددات اقراض البنوك بالدولار وسيلة غير تقليدية يجب دراستها للاقراض بالدولار الامريكي ميزة رئيسية تتعلق بانخفاض تكلفة الفوائد مقارنة بتلك التي تطلبها البنوك على قروض الدينار الاردني.
مشكلة تتجه اليها الانظار مع وجود 7 مليارات دولار توظفها البنوك الاردنية خارج المملكة على فوائد شديدة التدني دون الاستفادة منها على المستوى المحلي. السبب وراء ذلك يعود الى تشريعات البنك المركزي التي تحدد اقراض الدولار داخل المملكة من حيث الكم ونوع المقترض.
فاضافة الى حصر اقراض الدولار الى الشركات ذات النشاط التصديري, تحدد تعليمات البنك المركزي اقراض الدولار بما لا يتجاوز 30% من مصادر اموالها في العملة الاجنبية. الاقتراح اذا ان يقوم البنك المركزي وبهدف تحفيز الاقتصاد بتحرير جزئي لهذه القيود بما يسمح باقراض القطاعات الحيوية غير التصديرية بالدولار الامركي, الامر الذي سيساعدها على تخفيف كلفة اقتراضها من دون المساس بربحية البنوك. كما ان تعديل نسبة ال¯ 30% برفعها سيسهم في زيادة سيولة الدولار المتاحة للاقراض ما سينعكس على فائدة قروض الدولار بالانخفاض. لمثل هذا الاقتراح محذورات تتعلق بوضعية سيولة البنوك بالدولار ما يستدعي ترافقه مع دراسة دقيقة لتحديد الية و مقدار التحرير الجزئي لمحددات اقراض الدولار في المملكة.
على المركزي البحث جديا عن ابتكارات جديدة تساعد الاقتصاد الاردني على تجاوز محنته الحالية, خصوصا مع تراجع قدرة الحكومة على دفع عجلة الاقتصاد.