اخبار البلد-
يتجه العالم نحو منعطف اقتصادي كارثي محمل بالخسارات التي من شأنها زعزعت أعتى الدول القوية باحتياطاتها بعدما كانت "محصنة” من الخسائر .
ورغم الجهود المبذولة من قبل الدول الكبرى من خلال ضخ حزم اقتصادية تجاوزت حائط الترليونات لانقاذ الاقتصاد العالمي وحزم صندوق النقد الدولي للدول النامية خاصة لمواجهة كورونا ، إلا أن كارثة الكساد الاقتصادي والتي اعتبرها اقتصاديون بأنها حرب عالمية ثالثة تلوح بالأفق نظراً لما تعبر به القارات الخمس من محاصرة بنى تحتية على رأسها الصحة والتي تعتبر شريان الأمان وبات حملها ثقيل ويستنزف خزائن الدول .
هذه الحرب الدائرة التي وحدت المواقف وربما المقامات الاقتصادية إن صح التعبير ، وانهيار الأنظمة الصحية تباعاً في دول أوروبا وأمريكا يؤكد بأن النظام الاقتصادي ما بعد كورونا لن يكون على شاكلة الورقة الخضراء أو الدرهم العربي .
والجدير بالذكر بأن الاقتصاد الرقمي الذي تتوجه له جميع القطاعات لتسيير عجلة الصناعة والعمل لتخفيف وطأة الخسائر على الشركات والأفراد يتسيد الموقف ويشكل رؤية اقتصادية جديدة قد تلجأ اليها الدول بعد انتهاء الأزمة الحاصلة .
قطاعات حيوية اعتمدت على الفضاء الالكتروني في ايصال خدماتهم إلى المستهلك ، تعليم ، اغذية ، صيدلة ، مختبرات وتعدى الأمر للحكومات واجتماعاتهم التي اصبحت تعتمد على العالم الافتراضي في إدارة شؤون دولهم.
واليوم نرى دور حضانة افتراضية في دول اوروبا تعمل عن بعد حتى يتسنى لموظف الدوام الجزئي أو المياومة تسيير أموره المادية دون أن تطاله خسائر طالت غيره من الأعمال المهنية اليومية التي لا تصلح إلا على الأرض وبالتواصل المباشر .
الصين واندونيسيا وتونس استعانوا بتجربة ” الروبوتات” لفحص مصابي كورونا وللتجوال في الشوارع لضبط المخالفين لحظر التجوال وللقيام بالتعقيم عن بعد .
هذه الطريقة الرقمية في التعاطي مع الأزمة ورغم انعدام تأكيد نجاحها نظرا لأنها برامج معرضة للعطل في أي وقت ، أثبتت أن القادم سيأتي بأيدي عاملة ربما رقمية تخفض من كلفة الرواتب .
كما أن نجاح عملية التعلم عن بعد قد تعتمدها بعض الدول خاصة بعد احصاء الخسائر التي ستخلفها أزمة كورونا، والتي ستحفز إعادة النظر في تخفيض مصاريف مثل ايجارات مباني ومستلزمات مدرسية وخلافها مما يتطلب أي منشأة تعليمية خاصة كانت أم حكومية .
كما أن قيمة الرواتب للعاملين عن بعد تختلف بطبيعة الحال قبل أزمة كورونا عن الموظف الذي يؤدي مهامه في دائرته أو مؤسسته لما يتكبده من مصاريف تنقل وغيرها .
وهو ما سيعيد تقييم هذه المصاريف من خلال اعادة النظر بكيفية العمل الرقمي خاصة بعد أن شاهدنا بالحقيقة مدى نجاح هذه التجربة في كافة الدول وإن شابها بعض الأخطاء التقنية وهو ما يعتبر طبيعي حيث أن شبكات الاتصالات ليست مستعدة لهذا الضغط الهائل من المستخدمين .
نقول وهو تصور لا يعتمد على دراسة علمية ، ونظراً لما يحدث الآن في العالم الاقتصادي ، قد يكون الناجي الأوحد في هذه الأزمة هو ” الاقتصاد الرقمي” الذي سيبرز دوره قريباً ابتداءً ربما من العملات وانتهاءً بالمهن التي تعتمد على السعي المباشر على الأرض والتي بدأت الصين تفكر جدياً باستبدالها بأيدي "روبوتات” .
كما ان دراسات ما قبل كورونا تؤكد بأن عجلة الإقتصاد الرقمي شكلت لبعض الدول مثل الولايات المتحدة بناتج يصل الى 11 تريليون دولار اي ما نسبته 58% من الناتج المحلي للدولة كما أن الصين صانعة الريادة الرقمية يشكل لديها الاقتصاد الرقمي 1/3 حجم الاقتصاد ، أما الشرق الأوسط فشكل الاقتصاد الرقمي لديها قبل كورونا ما يقارب 30 مليار دولار وفقا لدراسات أي نموه يتصاعد بنسبة 30% سنوياً .
وهو ما يجعلنا نفكر بالعالم بعد كورونا وبما أن الاقتصاد الرقمي الذي نجى لهذه اللحظة من جائحة كورونا قد يعيد تشكيل الرؤى الاقتصادية للعالم بعد إنتهاء هذه الأزمة العالمية .