جواد العناني يكتب : ماذا سيفعل وزير المالية القادم؟


رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت، قال إن حكومته سوف تجري الانتخابات البلدية، هذا بافتراض أن الانتخابات البلدية سوف تجري في موعدها. والإشاعات تملأ البلد أن هنالك تغييرات مقبلة، وأن "مطبخ القرار" يعد لهذه التغييرات على نار هادئة.
ولست هنا في معرض تكذيب الإشاعات، أو تصديقها، ولكنني أريد أن أطرح سؤالاً لا بد أن يشغل بالنا كلنا. ما الذي ستفعله الحكومة المقبلة، أو الحكومة الحالية إن استمرت، في الملف الاقتصادي الأردني؟
إذا سارت خطط الإصلاح على خريطة الطريق التي وضَّحها الملك عبدالله الثاني، فهذا يعني أننا في خريف العام (2012) سنرى حكومة قد يمتد عمرها الى أربع سنوات، وهذا يعني أنها حكومة تتمتع بالدعم الرسمي والشعبي، وأمامها فرصة كافية لتنفيذ برنامج اقتصادي واضح تحدد معالمه صناديق الاقتراع.
ولكن ما الذي ستفعله حتى خريف 2012، أو بعد سنة من الآن؟ هذه الأشهر الاثنا عشر التي تفصلنا عن موعدنا مع حكومة برلمانية، ما هي السياسة الاقتصادية التي سنسلكها؟ وهل لدينا سَعَةٌ للانتظار، وتأجيل البَتّ في الأمور العالقة، وترحيل المشاكل والقرارات الصعبة حتى ذلك الخريف الموعود؟
وأول مشكلة عندنا هي مشكلة الموازنة، ليس لأنها أهم مشكلة، ولكنها أكثر المشاكل استعجالاً، ولا نملك رفاهية إبقائها على حالها، فهنالك رواتب يجب أن تدفع، واستحقاقات يجب أن تسدد، ودعم يجب أن يستمر، أو هكذا يقال..
وثاني مشاكلنا هي البطالة، خصوصا بين صفوف الشباب الذي ينتظر فسحة أمل بالتوظيف أو التعيين، فهل يبقى هؤلاء وقوداً بيد من يريد إشعال الفتنة، أو نُبْقيهم قنابل موقوتة للحظة بوعزيزية؟؟
ومع احترامي للمعارضة ورموزها، فإنني أريد أن أسمع منهم حلولاً، أو تلميحاً بحلول للمشكلة الاقتصادية الخانقة، والتي بات تأجيل حلها غير ممكن، إلا إذا كنا ساديين نستمتع بالألم وبارتكابه؟ وهذا شيء ليس وارداً أبداً. ورغم أهمية الإصلاح السياسي، إلا أن التفكير فيه يصبح ترفاً لو، لا سمح الله، انفجر الوضع الاقتصادي.
والمعارضة تريد إسقاط مشاريع الحكومة المقبلة قبل أن تولد، في الوقت نفسه الذي تلح فيه على تغيير الحكومة الحالية. وماذا لو أتت حكومة برموز سياسية كبرى؟؟ ما هي البدائل التي أمامها لحل المشكلة الاقتصادية؟؟
هل ستستمر في الحديث عن محاصرة الفساد واجتثاثه من جذوره؟ هذا سيحصل، ولكن ما نفع هذا في المدى القصير على تحسين الصورة الاقتصادية؟؟ وماذا سيفعل وزير المالية في حكومة الأقطاب هذه؟؟
هل يستطيع أن يجترح حلولاً بدون ألم للناس في الشارع؟؟ وأي شعبية ستبقى له إذا اضطر أن يتبنى الحلول نفسها التي تستبقها المعارضة وتريد تفويت فرص تطبيقها؟
قد يكون الفرق في اختيار حكومة تحظى باحترام الناس عموماً وبعض فئات المعارضة أنها ستبدأ برصيد إيجابي يعطيها فسحة من الزمن لتتخذ القرارات الصعبة، أو بعضها قبل أن تستنفد رصيدها من ثقة الناس.
ولذلك، فإن المطلوب هو حكومة يحترمها الناس في المدى القصير، وليس حكومة يحبها الناس بالضرورة، والمطلوب أن نبدأ باتخاذ قرارات قد يجدها الناس صعبة. ولكن هل سمعتم عن تقطيب جرح بدون ألم؟؟ وهل من المعقول أن نبقي الجرح مفتوحاً خشية من ألم خياطة القطب المطلوبة لسد الجرح النازف؟؟.