يا فاسدي الاردن ... اتحدوا

يا فاسدي الاردن ... اتحدوا

 

     منذ بداية الحراك الشعبي في الاردن مطلع هذا العام ، تعددت المطالب واختلفت ، وثار حولها الجدل ، وجرى على بعضها التعديل ، بعد ان تبين ان بعض الاصلاحات ان تمت ، فلن تكون في صالح المطالبين بها ، وهذا يدل على حالة التخبط ، التي عاشها الشارع الاردني ، في ذروة حماسه وتسرعه ، لتقمص دور فيما سمي "الربيع العربي" ، الذي تبين لاحقا ، انه لم يكن الا "ربيعا امريكيا" ، لكن البند الوحيد ، الذي لم يختلف عليه الشارع الاردني ، واصبح في نهاية المخاض ، القاسم المشترك لكل اشكال الحراك الشعبي ، الا وهو ضرورة محاربة الفاسدين والمفسدين ، واعادة اموال الشعب المنهوبة ، والتي تسببت بهذه المديونية الهائلة .

 

     لقد اصبح الفساد عدوا للجميع ، واتحد الجميع لاعلان الحرب عليه ، والمطالبة بمعارك التحرير منه ومن القائمين عليه ، لكنها الحرب التي تبرر كل الوسائل ، كي يدافع المتضررون منها عن انفسهم باستخدامها ، سواء كانت وسائل مشروعة اوغير مشروعة ، وكان "للمندسين" دور ،  في محاولة اخماد نيرانها ، او حرفها عن مسارها ، او خلط الاوراق ، كي تبدو نتائجها فوضى عارمة ، اسلحتها مصوبة بالاتجاه الخاطيء ، وسيؤدي استمرارها ، لسقوط ضحايا ابرياء ، وكانت ابرز نتائج الهجوم المعاكس الواضح والمعلن ، هو ما دار بمجلس النواب ، حول المادة 23 من قانون مكافحة الفساد ، التي تعتبر نصرا مؤزرا للفاسدين ، وتدعيما لحصونهم .

 

     لكن هجوما معاكسا تمويهيا ، كان قد بدأ مع بداية الحرب على الفساد ، حين لجأ فاسدون معروفون ، الى المزايدة على الشعب ، باعلانهم حروبا خاصة بهم ، فقام فاسدون بتوجيه اتهامات الفساد الى فاسدين اخرين ، وسيروا المسيرات ونظموا الاعتصامات ، بعد ان خدعوا بعض القوى ببياض صفحتهم ، او تحالفوا معهم من قبيل تحديد الاولويات ، كأن يتحالفوا مع فاسد صغير ، ضد فاسد كبير ، للقضاء عليه ، ثم ينقضون على حلفائهم من صغار الفاسدين ، هذا ما تفتقت به عقلياتهم الساذجة ،  لكن الفاسدين كانوا اذكى منهم ، وعادوا للتحالف معا ، وتجاهلوا خلافاتهم الجانبية ، التي غالبا ما كانت حول تقاسم مغانم الفساد ،  وانطلقوا معا في معركة تمويه الفساد ، بالقاء قنابل دخانية ، لتعمية الانظار عن فسادهم ، وشعار معركتهم ، هو الشعب المسكين ، الذي ظلمته الحكومة بالقوانين الجائرة ، فانتقصت من حقوقه ، وبما انهم المؤتمنون ، على هذه الفئات الشعبية وحقوقها المنقوصة ، فقد تفاهموا على اعادة لعبة الاعتصمات والمسيرات ، لكن ليس ضد بعضهم البعض ، كما كان الحال سابقا ، بل متحدين مع بعضهم البعض ، واسلحتهم الخفية موجهة صوب الحكومة هذه المرة ، ان احذري يا حكومة ، فنحن هنا ، نملك حجارة "شطرنج كثيرة" ، ونستطيع ان نلعب معك بها لامد طويل ، فما عليكي الا ان تغظي الطرف عن فسادنا ، وتتركينا وشأننا نلعب معا ، او نكون سببا في ازعاج انتي في غنى عنه ، ولو ساهمتي في ترقيتنا ، وتعيني احدنا لملء احد شواغر مجلس الاعيان ، كي يتسنى للاخر ان يملأ الشاغر الاعلى المستحدث ، فسيكون ذلك خير وبركة على الجميع . 

 

     لا بد هنا ان نشير ، الى صغار صغار الفاسدين ، او ما يمكن تسميتهم بالفاسدين الرضع ، الذين يتطوعون لخدمة هولاء الفاسدين البالغين ، وهم اهم احجار لعبة الشطرنج ، ودورهم في مساندة الهجوم المعاكس على المقاومين للفساد ، من خلال تضليل الاتباع ، وتزوير الحقائق ، واطلاق الوعود المعسولة ، وتبرير التقصير ، والتهليل للفاسدين وقدراتهم ، على تحقيق مصالح من ائتمنوهم على هذه الحقوق .

 

مالك نصراوين

m_nasrawin@yahoo.com

11/10/2011