مَن هزم الحظر: بلادة البعض أم سوء إدارة الحكومة؟

اخبار البلد

 
إجماع بين الأطباء وخبراء الصحة في العالم على أن الإجراء الوقائي الأمثل وربما الوحيد لمنع انتشار فيروس كورونا هو الانعزال التام في البيوت والالتزام التام بإجراءات التباعد الاجتماعي، وذلك في ظل عدم وجود دواء لهذا الفيروس حتى الآن، ونظرا لقدرته على الانتشار السريع.

الحكومة الأردنية كانت سباقة في إعلان حظر تجول شامل وإلزام الناس في البيوت، لكن وبعد أربعة أيام من ذلك الإعلان، كانت النتيجة على الأرض حظرا جزئيا. فما الذي أوصل الأمور إلى هذه النتيجة؟

هناك من يضع اللوم على المواطنين الذين لم يلتزموا بإجراءات الحظر، وتعاملوا مع الإجراءات الحكومية باستهزاء وسخرية وأحيانا بتحد.هذه الفئة نالت حظها من التقريع واللوم على وسائل التواصل الاجتماعي، كما نال بعضهم حظه من الاعتقال والتوقيف لمخالفة التعليمات.

في المقابل هناك من يقول إنه من الظلم تعميم بعض اللقطات والصور المسيئة على مجموع الشعب الأردني وإظهاره شعبًا فوضويًا و"همجيًا".

ولكن ماذا عن الإدارة الحكومية للأزمة؟ هل ساهمت بحدوث الفوضى وانهيار حظر التجوال؟ هل كانت الحكومة تتوقع التزاما تاما بإجراءاتها حين اتخذت ذلك القرار؟ وهل هناك شعب في الدنيا يمكن أن يلتزم مائة في المائة بتعليمات حكومته؟

ربما كانت المثاليات هي السائدة في التفكير الحكومي عند اتخاذ قرار حظر التجول الشامل، وربما كانت ذات المثاليات هي السائدة في التعامل مع إجراءات إيصال الخبز والمواد التموينية للمواطنين، وإلا كيف نفهم تصريحات الحكومة في أنها ستتكفل بإيصال الخبز لكافة المواطنين إلى بيوتهم؟ هل كانت تصريحات خيالية؟هل تسرعت الحكومة في إعلان الحظر الشامل؟

في 14 آذار أعلنت الحكومة تعليق الدراسة وتعليق إقامة الصلوات في المساجد ومنع الفعاليات العامة، وبعد 3 أيام فقط فعّلت الحكومة قانون الدفاع، وحدّت من حركة المواطنين، وبعد أسبوع وبسبب عدم التزام المواطنين بالتعليمات بشكل جيد، كما قالت، أعلنت حظر التجول الشامل.

يبدو أن رد الفعل الحكومي كان متصاعدا، لكنه لم يراع أن هذا الشعب لم يعتد على هذه الإجراءات القاسية منذ حوالي خمسين عاما، كما أن الحكومة لم تقرأ أسباب عدم التزام المواطنين بشكل جيد.

هناك من يجادل أن الحكومة كان عليها تقدير خطر الفيروس مبكرا، فقرار تعليق الرحلات الجوية جاء في 14 آذار، ويجادل أصحاب هذا الرأي أن اتخاذ قرار جريء بتعليق الرحلات الجوية وإغلاق الحدود أمام حركة المسافرين في وقت أبكر من ذلك بكثير، واتخاذ إجراءات الحجر الصحي للقادمين، كفيل بأن يجنبنا إجراءات قاسية مثل حظر التجوال الشامل.

كانت الإصابة الأولى بتاريخ 2/3 كفيلة بدق جرس الإنذار، ولو كانت الحكومة جريئة بما فيه الكفاية لاتخذت إجراءات الإغلاق، والحجر على جميع القادمين، ولكنا بإذن الله تجنبنا الحالات التي نتجت عن فرح إربد.

لا شك أن ما نواجهه من خطر يحتاج إلى تضافر المجهودات الحكومية والشعبية، ولا شك أن الحكومة تعمل بأقصى طاقتها وعليها يوميا متابعة التغذية الراجعة من الميدان وتصحيح الأخطاء، وعلى المواطنين أن يدركوا أن الأمر جد وخطير، وكما يقول المثل الشعبي "يد واحدة لا تصفق".