ازدواجية الجنسية وهذه الملاحظات



الملاحظ ان بعض الصحافة الاردنية وخاصة الالكترونية امسكت مؤخرا بموضوع جديد بدل الفساد او في موازاته لتسجيل سبقات صحفية على حساب بعض الاردنيين ممن يعتقد انهم يحملون جنسية ثانية، الملاحظة الاولى هنا ونافلة القول انه ليس لأحد ان يشكك في ولاءات الناس لوطنهم وهويتهم وجنسيتهم تحت اي شعار كان فالاصلاحات التي نهلل لها تعني اولا اصلاح الضمائر والاخلاق قبل الخروج الى الشوارع او الى الصفحات المقروءة للمطالبة بالتغيير والديمقراطية والحريات، واي حرية تسمح بوضع اعظم شعور لدى الانسان وهو الاخلاص للوطن وللهوية في كفة الميزان لمناقشته على الملأ والتشكيك فيه حتى لو جاء التعديل الدستوري ليحرم مزدوجي الجنسية من المناصب العليا, فهذه المادة الدستورية موجودة اصلا في دستور ما قبل التعديلات وبدلا من الاحتفاء بتكريس ارادة الشعب وترجمتها الى نصوص دستورية أكثر وضوحا, وجد البعض فرصتهم لجعل مسألة الهوية محل تكهن وتحزير,فلأن فلانا درس في الولايات المتحدة اذن فهو يحمل الجنسية الاميركية، وفلان تعالج في المانيا اذن فهو الماني وهكذا، فالجنسية الثانية ليست علامة فوق الجبين ولا هي ميزة تسمح لحاملها قيادة سيارته على يسار الشارع..!

الحكومة المعنية بتنفيذ القوانين وعلى رأسها الدستور مسؤولة عن تصويب الاوضاع وفقا للمادة الدستورية التي تمنع مزدوجي الجنسية من المناصب العليا، ولديها الصلاحية لمخاطبة الجهات الرسمية في جميع دول العالم للتأكد من خلو المرشحين للوزارة من جنسيات اجنبية، فالمطلوب (شهادة خلو جنسية) للوزراء قبل توزيرهم والاعيان قبل تعيينهم والنواب قبل قبول ترشيحاتهم للنيابة، وليس صحيحا ترك الامور الى ان تتفاقم ويتدخل القضاء في تحقيقات طويلة للوصول الى الحقيقة حول اي شخص وقد لا يصل الى معلومة تمهد لصدور قرار عادل، والحكومة تستطيع نزع فتيل ازمة محتملة تسببها هذه المادة قبل الانتخابات النيابية القادمة عندما تبدأ عمليات التصيد بين المترشحين المتنافسين فتكال الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال, فتضع (اي الحكومة) آلية معينة للتحقق ولكن باشتراط محاسبة من يستخدم هذا السلاح للتشهير بالناس، ثم وهذا هو الاهم على الحكومة والجهات ذات العلاقة عدم الاعتماد على بعض الاخبار وحتى بعض التعليقات كمصدر لمعرفة حملة الجنسية الثانية، فالحكومات لديها علاقات دبلوماسية وقنصلية مع جميع دول العالم وتملك القدرة على تحصيل المعلومة التي تريدها بالطرق السليمة والدقيقة دون الحاجة للاعتماد على الاشاعات.

اختار الاردن من خلال لجنة الحوار الوطني اولا ثم بعد ذلك اللجنة الملكية للتعديلات الدستورية حرمان حملة الجنسية المزدوجة من المناصب ذات الصلة بالقرار الاداري حماية للوطن من الفساد وبطبيعة الحال من الفاسدين الذين قد يستغلون جنسيتهم الثانية للفرار طلبا للحماية، ولكن هذا لا يعني ابدا ان كل من حمل جنسية اجنبية هو فاسد او خائن او حتى مزدوج الولاء, التوصية بهذه المادة الدستورية جاءت بهدف الاقتراب اكثر من نبض الشارع والاستجابة لعواطف الناس اكثر من عقولهم رغم حاجتنا للكثيرين ممن يحملون جنسيات دول كبرى ولهم علاقات جيدة مع دوائر صنع القرار فيها، ولنتذكر دائما ان غالبية وزراء حكومات اسرائيل يحملون جنسيات دول غربية وان نتنياهو نفسه يحمل الجنسية الاميركية ويكرسها بالكامل في خدمة اسرائيل، ولنتذكر ايضا ان مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الاميركية التي دوخت الامة العربية دفاعا عن مصالح الولايات المتحدة هي ليست اميركية اساسا وانما مهاجرة تشيكية رحلت عن وطنها وهي في الثامنة من عمرها فحصلت على الجنسية الاميركية واصبحت زعيمة الدبلوماسية في بلد المهجر.. والقصص حول العالم الديمقراطي الحر كثيرة وقد نال العرب نصيبهم من المناصب في بلدان غربية رغم ان بعضهم لا يزال يشتري الاراضي في بلده طمعا بالعودة اليها يوما..