نحو إصلاح السلطة الرابعة!

 


 


وصلت المطالب الإصلاحية التي ترفعها القوى السياسية والشعبية وبدعم واضح من وسائل الإعلام إلى كافة السلطات الرسمية في الأردن وحتى وصلت ايضا إلى ضرورة إحداث تغيرات في أنماط إدارة المؤسسات السيادية وهذا أمر مهم جدا عندما يتم تنظيمه في سياق إيجابي يهدف في النهاية إلى تقوية هذه السلطات والمؤسسات وضمان احترافيتها ومهنيتها.

ومن بين كافة مطالب الإصلاح المختلفة يبدو أننا قد تناسينا الحاجة الماسة إلى إصلاح السلطة الرابعة، أي القطاع الإعلامي. لقد أدت وسائل الإعلام الأردنية دورا مهما جدا في الحفاظ على وتيرة الحراك الشعبي ودعم المطالب الإصلاحية وخاصة بعد أن تحررت بشكل كبير من العوائق السياسية التي كانت تكبلها في السنوات الماضية. ولعبت وسائل الإعلام دورا مهما في نقل المعلومات بكل صراحة ووضوح وفي التنبيه إلى الخلل في الإدارة وفي حالات الفساد والمطالبة بتعزيز المساءلة والمحاسبة، ولكن من المهم جدا للسلطة الرابعة أن تقوم بمراجعة ذاتية لنمط أدائها وبناء مؤسساتها ومدى مهنيتها حتى تستفيد هي الأخرى من فرصة الإصلاح القائمة.

لقد أظهرت وسائل الإعلام قوة كبيرة في الأشهر الماضية وخاصة عند إصرارها على رفض المادة 23 من قانون هيئة مكافحة الفساد والذي كان سيحد كثيرا من حرية التعبير، ولكن قطاع الإعلام الأردني مطالب أيضا بتعزيز الجزء الخاص بالمسؤولية المهنية وليس فقط حقوق التعبير. أن إدخال النصوص المقيدة للإعلام في التشريعات الأردنية ربما كان يعود إلى ضيق من حرية التعبير ولكن أحيانا كانت توجد مبررات منها تمادي بعض وسائل الإعلام في التشهير ونشر معلومات غير موثقة وأحيانا التحريض على السلم الأهلي، ناهيك عن بعض الممارسات غير المقبولة في الابتزاز وهي محصورة ولكن يجب ضبطها بطريقة تمنع انتشارها.

حاولت الحكومة السابقة ضبط قطاع الإعلام من خلال مدونة السلوك الإعلامي والتي ربما تجاوزت ما هو مطلوب منها ولكنها تضمنت الكثير من القضايا المهمة والتي يجب معالجتها مهنيا ومن خلال المؤسسات الإعلامية نفسها. أحد أهم محاور تنظيم قطاع الإعلام هو تسجيل المواقع الإلكترونية وحصولها على رقم ضريبي يجعلها تمارس واجباتها تجاه الدولة في دفع الضرائب على الدخل المتأتي من الإعلانات بدلا من استمرار الحالة الضبابية الحالية. وكذلك من الضروري قيام المؤسسات الإعلامية بوضع ضوابط على ممارسات منتسبيها وخاصة قبول الهدايا والحوافز التي تتعلق بالعمل الصحفي حيث تصر معظم المؤسسات الإعلامية على الاستقلالية وعدم قبول مثل هذه الممارسات التي تضر بالمهنية والحياد.

الشفافية والمصداقية هي عنوان المرحلة القادمة في إدارة الدولة الأردنية وكذلك في كافة القطاعات ومنها القطاع الإعلامي والذي يمتلك فرصة مهمة لتطوير أداء المؤسسات الإعلامية في محاور المهنية والتدريب ومن الأفضل أن يتحمل القطاع الإعلامي المسؤولية بنفسه بدلا من التردد الذي يسبب التدخلات الخارجية، فإذا كانت كل البلد تتغير فهل القطاع الإعلامي محصن من ذلك؟

batirw@yahoo.com