الحمود بحوار مع بانوراما : الاقتصادات العربية ستعاني "مرحليا" نتيجة الثورات
اخبار البلد _ أجرى نائب رئيس صندوق تنمية الصحة العالمية الدكتور نصير شاهر الحمود، حوارا موسعا مع صحيفة بانوراما الالكترونية السعودية الصادرة في لندن قال خلالها إن الدول العربية ستعاني في المدى القصير من الآثار الجانبية التي خلفتها الثورات ، غير أن الأخيرة ستقود تلك البلدان من جديد نحو فتح صفحة جديدة من النمو والتنمية.
وتعرّض الحمود للجهود الإصلاحية التي تشهدها الأردن قائلا في هذا الصدد إن تلك المسيرة تعاني من التباطؤ، إذ لم تشهد الأشهر الماضية مواجهة حقيقية لملفات الفساد، كما لم تجر فتح ملفات ذات طابع إصلاحي حقيقي.
وعلى المستوى الرياضي، أبدى الحمود ثقته بتأهل المنتخب الوطني الأردني لكرة القدم لنهائيات مونديال البرازيل 2014 قائلا في هذا الصدد إن الجيل الحالي لنشامى المنتخب قادر على حصد المنجزات كتلك التي حققها نظراؤهم في كرة السلة حين حصدوا المرتبة الثانية على الصعيد الآسيوي بفارق نصف سلة أمام نظيرهم الصيني الذي استضاف البطولة.
وفيما يلي نص الحوار:
سندفع ثمن الـثورات
بانوراما عربية – لندن
نائب رئيس صندوق تنمية الصحة العالمية الدكتور نصير شاهر الحمود، سفير النوايا الحسنة، المدير الإقليمي لمنظمة (إمسام) سابقاً - المراقب الدائم للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، شخصية اقتصادية اجتماعية أردنية معروفة لها اسهامات وفعاليات جمة على أصعدة مختلفة، له آراء تتسم بالرصانة والموضوعية بخصوص الأوضاع المختلفة في المنطقة والعالم، التقيناه ووجهنا له مجموعة من الاسئلة وكان هذا الحوار .
ـ ما هي انعكاسات الثورات العربية على الاقتصاد العربي؟
هناك تفاوت في مقدار الأثر الذي خلفته الثورات على الدول العربية، غير أنها عانت جميعا من تراجع نسب النمو فضلا عن التدفق الاستثماري والسياحي للمنطقة التي باتت غير مستقرة في نظر السائح والمستثمر الأجنبي. لكن ذلك لا يعني أن مقدار التأثير كان متوازنا، فقد هوت المؤشرات المالية والاقتصادية لكل من مصر وتونس وليبيا واليمن بدرجات تفوق أضعاف ما تم تسجيله في بلدان تحاول إجراء إصلاحات مثل الأردن والمغرب والبحرين، فيما كان واقع الحال في البلدان الخليجية أقل ضررا نتيجة استفادة تلك البلدان من ارتفاع أسعار النفط كلما اشتد تأزم الموقف الإقليمي.
لكن جميع تلك الدول ستدفع ثمن هذه الثورات ـ المحمودة نظرا لتمكنها من إعادة الكرامة المسلوبة لكثير من الشعوب ـ إذ تعهدت دول خليجية بتغطية العجز في ميزان مدفوعات عدد من نظيراتها التي شهدت ثورات شعبية، ومن المتوقع أن تظل سياسة الدعم قائمة في المدى المنظور، ريثما يتم التأكد من استعادة الاقتصادات التونسية والمصرية والليبية عافيتها.
مصر قادرة على النهوض اقتصاديا من جديد مستفيدة من القدرات الهائلة التي تمتلكها البلاد على صعيد الإنتاج الزراعي فضلا عن الغاز والسياحة، والأخيرة عنصر مهمة في نهوض الاقتصاد التونسي المنكمش، غير أن الحال تبدو أكثر صعوبة في اليمن فيما تمتلك ليبيا إمكانيات نفطية تؤهلها لاستعادة موقعها وبالتالي فوائضها المالية الناتجة عن الصادرات النفطية. وللإشارة، فقد باتت ليبيا تنتج 350 ألف برميل نقط يوميا في طريق استرداد حصتها المتفق عليها في إطار (أوبك) والبالغة 1.6 مليون برميل.
في دول الإصلاح السياسي كالأردن والمغرب تبدو الصورة ضبابية، إذ تعتمد الأردن على المساعدات الخارجية فضلا عن السياحة والاستثمار الأجنبي وجميع تلك العناصر أخذت في التراجع، فيما تعتمد المغرب على التصدير للسوق الأوروبية التي تعاني مشاكل اقتصادية جمة ، ما سيفضل لتراجع التصدير، وانحسار قدرة العمالة المغربية في أوروبا على إجراء تحويلات مالية تدعم ميزان مدفوعات المملكة.
ـ بعد استقالتك كسفير للنوايا الحسنة من منظمة أمسام .. هل برأيك الثقة بالمنظمة العالمية قائمة؟
لقد حذرت (إمسام) من إمكانية فقدان مصداقيتها حال عدم سحبها للقب الممنوح لمحكوم بقضايا فساد، غير أن إدارتها لم تتعامل بجدية مع هذا المطلب الأمر الذي دفعني للاستقالة. لكن لا يمكن تعميم الأمر على الأمم المتحدة برمتها، فهي تمتلك مؤسسات محترمة تقوم بدور إنساني عظيم مثل اليونيسيف واليونسكو والفاو، وجميعها لم تدخر جهودها في دعم الجهود التنموية الدولية. كما لا يمكن الحديث عن فقدان الثقة بـ(إمسام) التي لعبت دورا إنسانيا مهما عبر تاريخها، لكن سوء التقدير خان مديرها، الذي يتوجب عليه العمل لإصلاح ذلك الخطأ الجسيم الذي أضر بسمعة المنظمة الأممية.
ـ هل الإصلاح في الأردن في تقدم أم تراجع؟
هناك تباطؤ في الإصلاح بالأردن على الرغم من انطلاقته الجدية والجيدة في العمل على محاصرة المفسدين وإحالة ملفات الفساد للقضاء والجهات المعنية فضلا عن التعديلات الدستورية، غير أن كثيرا من خطوات الإصلاح لا تتفق مع المطالب الشعبية نظرا لتشعب ملفات الفساد التي تم السكوت عنها لسنوات طويلة. النموذج الإصلاحي الأردني أكثر قربا للمغربي لكن الأخير متقدم عن الأول، وهناك معطيات ذات صلة بالموقع الجغرافي فضلا عن الديموغرافية تحد من إمكانية تحقيق ذات الإصلاحات التي أقدمت عليها الدار البيضاء.
لا زلنا نشهد ظهور جماعات تدعي أنها تدعم الحكومة وتستخدم أسلوب بدائي في قمع المحتجين وهو ما يثير المخاوف بشأن الرغبة الحقيقية في تحقيق الإصلاح، حيث شكلت لجان تحقيق بشأن هؤلاء الذين يقومون بالإساءة لمن يقوم بالتعيير عن رأيه، لكن أيا من تلك اللجان لم تصدر تقريرا بشأن تلك الحوادث.
ـ صفحتك في شبكة التواصل الاجتماعي (فيس بوك) اقترب عدد أعضائها من 50 ألف ما هو برأيك سبب هذا الإقبال؟
الحمد لله، هذا فضل من الله، إذ تمكنت من نسج الكثير من العلاقات الصادقة مع أبناء بلدي فضلا عن أشقائي العرب سواء من خلال عملي في القطاع الخاص أو عبر تواجدي في المؤسسات الدولية المختلفة، ولقد حرصت على الدوام على خدمة بلدي في جميع المناسبات، الأمر الذي أكسبني حب الشارع الأردني الذي أتشرف بأن يكون على تواصل معي على صفحتي. هذه الصفحة بمثابة متنفس يمكن من خلاله التواصل مع الإخوة والأشقاء والأصدقاء، ومعرفة طموحاتهم وهمومهم وتطلعاتهم، وهو ما يزيدني التصاقا بهم.
ـ نلاحظ دعمك المستمر للنشاط الرياضي المتنوع في الأردن .. كيف ترى الرياضة الأردنية اليوم؟
دعمي للرياضة الأردنية شرف لي، إذ حرصت على الدوام على الوقوف إلى جانب نشامى الوطن الساعين لرفع رايته في مشاركاتهم المختلفة إن كان الأمر محليا أو دوليا. لقد ساهمت بدعم المنتخب الوطني الأول فضلا عن عدة أندية ولاعبين في رياضات فردية فضلا عن الشباب والناشئين الواعدين غير مرة، وأعتقد أن ذلك واجب يمليه علي ضميري ووطنيتي. لقد حققت الرياضة الأردنية قفزات نوعية في السنوات الأخيرة، ففي كرة السلة حلت المنتخب الوطني في المرتبة الثانية آسيوية بعد خسارته بواقع نصف سلة من بطل القارة 15 مرة، حيث جاءت الخسارة في الصين بفارق نصف سلة.
كما ان المنتخب الوطني لكرة القدم يحقق نقلات نوعية حيث بات تصنيفه الأول على عرب آسيا وفقا للتقييم الأخيرللفيفا عقب نجاحه في التأهل للدور الثاني لنهائيات كأس آسيا بالدوحة 2011 كما أنه يمضي قدما في طريق التأهل لمونديال 2014 بالبرازيل، حيث حصد 6 نقاط كاملة في أول لقاءين بالتصفيات القارية المؤهلة للمونديال. وانا أحرص على الدوام على مشاهدة ومتابعة وحفز نشامى المنتخب الذي يراهن عليه كثيرا لتحقيق الانجاز المتمثل بالوصول للمونديال للمرة الأولى في تاريخ المملكة.