دمج الإعلام الرسمي.. المجزرة الوظيفية الآتية

أخبار البلد - موظفو الوسط الإعلامي الرسمي منهمكون بما يتسرب من معلومات حول دمج المؤسسات الإعلامية الرسمية، وكالة الأنباء الأردنية (بترا) ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون وقناة المملكة الفضائية، وما يرافق هذا "الدمج” من تخوفات حول الاستغناء عن نسبة ليست بسيطة من الموظفين في هذه المؤسسات، بطريقة أو أخرى.
أكاد أجزم أنه لا يوجد أحد ضد عملية الدمج تلك، شريطة أن تكون مدروسة من جميع الجوانب، وضرورة أن تتضمن معايير عادلة ومنصفة، وتمتاز بالشفافية، وتراعي كذلك بالدرجة الأولى الظروف المعيشية والإنسانية لموظفي الإعلام الرسمي.
ما يتخوف منه الزملاء في الإعلام الرسمي، هو ذلك "التستر” و”الغمغمات” التي ترافق عملية الدمج، التي أكدها أكثر من مسؤول على صعيد الدولة، وإن كان هناك مسؤولون أشاروا بطريقة أو أخرى إلى أن هناك "هيكلة” وليس "دمج”، رغم أن ذلك بعيد عن الحقيقة، فأحد أبجديات تعامل الحكومة مع المواطن بشكل سواء كان موظفا أو غير ذلك، هو عدم الثقة وحجب الحقيقة باستمرار.
فالكثير من أبناء الوسط الإعلامي، باتوا متأكدين، ليس فقط من أن "الدمج” حاصل لا محالة، فهذا الموضوع بات حقيقة، بل أصبح لديهم يقين لا يقبل الشك، بأنه سيتم الاستغناء عن نسبة قد تتراوح ما بين 15 بالمائة و20 بالمائة على أقل تقدير من كل مؤسسة إعلامية رسمية، وفي بعض المؤسسات سيتم تجاوز هذه النسبة، حتما.
قد يقول قائل، بأنه لن يتم الاستغناء عن أي من موظفي المؤسسات الإعلامية الرسمية، وإنما سيتم نقل البعض.. فالرد عليه يكون حتى لو كان ذلك صحيحًا وصادقًا، رغم أن الكثير يشككون في ذلك، إلا أن عملية نقل أي موظف من مؤسسته الإعلامية إلى وزارة خدماتية أو حتى سيادية، يترتب عليها جوانب خطيرة جدا.
فقد يتم في البداية، نقل موظف ما إلى دائرة أو مديرية الإعلام في وزارة أو مؤسسة أو دائرة حكومية.. لكن ما المانع بعد فترة من القيام بنقل هذا الموظف، الصحفي بمعنى أدق، إلى قسم آخر من الأقسام الإدارية، التي لا تمارس الصحافة أو الإعلام.
لا يوجد سند قانوني يمنع ذلك، فالموظف، سواء أكان يمارس مهنة الصحافة أو كان إداريا، فإنه ينطبق عليه قانون ديوان الخدمة المدنية، الذي يعطي للمدير المباشر صلاحيات واسعة وبموجب القوانين والأنظمة والتعليمات، بأن يتم نقل الموظف إلى أي مكان داخل مؤسسته.
وسيترتب على ذلك وقتها حتما، فقدان الموظف(الصحفي) لعلاوة النقابة، والتي تبلغ نسبتها حاليًا 135 بالمائة من الراتب الأساسي… فالقانون واضح هنا لا مجال للُبس فيه، فالذي يمارس عملًا صحفيًا أو إعلاميًا في وزارة ما أو مؤسسة معينة يحصل على علاوة النقابة، وغير ذلك لن يحصل عليها أبدًا، وبموجب القوانين.
أي بمعنى ثان، هناك عشرات من الموظفين، الصحفيين، سوف يتم "خسف” رواتبهم الشهرية، إن جاز التعبير، ناهيك عن فقدانهم أو حرمانهم من زيادات ستُحسب لهم عند اكتمال عملية الدمج.. فمن إيجابيات عملية "الدمج”، حسب ما يتسرب، مساواة رواتب موظفي تلك المؤسسات، أو على الأقل تقليص الفجوة بين الرواتب، الموجودة حاليًا… وإلا ستكون النتائج عكسية، ولن يعمل أحد بجد وإخلاص وانتماء!.
نقطة أساسية أخرى، ترتبط بعملية استبعاد نقابة الصحفيين من هذا الموضوع المهم جدًا، والذي يمس قوت منتسبي النقابة، بيت الصحفيين والإعلاميين.!
نأمل من الحكومة، والوزراء والمسؤولين المعنيين، أن يفكروا ألف مرة قبل الإقدام على مثل تلك الخطوة، فجل الصحفيين كباقي مواطني هذا البلد، يُعانون الأمرين حتى يستطيعوا تأمين قوت يومهم وأفراد أسرهم.