عبيدات يصل متأخرا لتصدر المظاهرة



بعد يوم واحد فقط جاء الرد من شخصيات وطنية يعتقد ان المعارض ليث شبيلات قصدها في تصريحات له عشية سفره الى فيينا للاستجمام كما ورد في الاخبار, شبيلات لم يتوان عن تكرار تصريحات قديمة له تقرع منافسيه ,غير انه هذه المرة اختار توقيتا يثير التساؤل عمن قصدهم بقوله ( اننا لا نريد ان نصنع اصناما جديدة ) واضاف - حسب مواقع الكترونية نقلت التصريحات-بانه لو كان هناك شخصيات وطنية لما وصل الفساد الى ما وصل اليه,وفي موقع آخر نسب اليه القول بان من يريد الانخراط بالحراك الشبابي عليه ان يقدم اوراق اعتماده.!

الرد جاء يعد ظهر الجمعة عندما تقدم رئيس الوزراء الاسبق احمد عبيدات مسيرة وسط البلد ,فانضم اليها متأخرا وحال وصولها الى ساحة النخيل حيث القى كلمة وصفت بعلو سقفها وبتركيز على قضية الفساد التي تعتبر الموضوع الرئيسي ويكاد يكون الوحيد عند قيادات الحراك الشبابي في الشارع, كما شارك في المسيرة عدد من الشخصيات التي ابتعدت عن الساحة السياسية منذ سنوات ولم يسجل لها اي حضور الا في فصل ( الربيع العربي) ودائما الى جانب عبيدات ,وعلى اية حال فأن الفارق هنا واضح بين قيادة عبيدات لبعض اللحظات من حراك الشارع وشراكته في المطالبة بالاصلاحات الحقيقية ومكافحة الفساد مع مختلف التيارات السياسية والفكرية بما في ذلك الحركة الاسلامية والتي اختارت سقفا معتدلا لمعارضتها يراوح حد ممارسة الضغوط على الحكومات لاحداث التغيير المطلوب دون المساس بالثوابت الوطنية,وبين قيادة شبيلات الذي يفضل اللعب منفردا (one man show) ولا يفضل العروض المشتركة مع غيره,وقد اختار لنفسه سقفا مختلفا بهدف التميز عن سواه ,وسقفه هنا لا يقتصر على المطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد بل يتجاوزه ملامسا النزوات الانقلابية على كل ما هو قائم حتى لا يقال انه شبيه او حتى قريب من احمد عبيدات او الحركة الاسلامية في تشخيصة للحالة الاردنية او في علاجه لها ,ففي هذه الحالة يتشابه العطارون في الوصفة وهذا ما لا يريده شبيلات..!

المشكلة هي ان لا عبيدات ولا الشبيلات يتقدمون على غيرهم في ترجمة نظرية الاصلاح في شقها المتعلق بالاحزاب ومستقبل الحكومات التي يجب ان تتشكل من برلمانات منتخبة على اسس حزبية اصلاحية ووطنية قبل كل شيء ,ولا احد منهما يعمل على تأسيس الحزب الذي سينافس الآخرين على تولي القرار التنفيذي بتحقيق اغلبية برلمانية تتشكل منها الحكومة مستقبلا ,كل من عبيدات وشبيلات يعمل على تكريس نهج العمل السياسي خارج الأطر القانونية ,واذا كان شبيلات يفضل تصدر الطاولات لالقاء المحاضرات الحماسية التي تجتذب الجمهور الذي يفضل ان يسمع كي ينفعل ثم يكتفي بكظم الغيظ ,فأن عبيدات ينتهج اسلوب غاندي في الاحتجاج ,فينتقي كلماته بحذر ولا يغالي في هجومه لا على الحكومة ولا على الخصوم وكثيرا ما ينتهج استراتيجية الصمت في التعبير عن مواقفه ,ومع ذلك ليس له حزب سياسي وبالتالي يلف معارضته الغموض ويبقيها في اطار ( النخبة الزعلانه ) غير المعنية بالاصلاح بقدر ما هي معنية بالثأر ورد الصاع صاعين واحيانا لمجرد الحضور والتذكير بها.

ما يحتاجه عبيدات تأسيس الحزب الاردني الذي يعارض تحت سقف الدستور وبموجب القانون القادم للاحزاب وفي ظل التعديلات الدستورية الجديدة التي تحقق للاحزاب فرصة الوصول الى السلطة التنفيذية عبر صناديق الاقتراع ,وبخلاف ذلك يبقى عبيدات يعتمد على اطلالته بين فترة واخرى للفت الانتباه دون ان يكون لهذه الاطلالة من أثر سياسي منظم ,ويحتاج عبيدات الى توضيح المبتدأ والخبر في حركته الاصلاحية او جمعيته ,فالمطلوب أكثر من مجرد الانضمام الى مسيرة في وسط البلد بعد وصولها الى نقطة النهاية ,المطلوب لقاءات مستمرة مع كل الناس, الموالين قبل المعارضين للاجابة عن السؤال الاهم :الى أين سيقودنا كل هذا بدون تنظيم وطني واضح الاهداف والوسائل, ولمن تترك هذه الثغرات في حراك اصبح بأمس الحاجة الى ترتيب اوراقه كي نفهم ماذا يريد بالتحديد..!!