فاتورة الكهرباء مرة ثانية

اخبار البلد-

 
تبين بعد تسريبات نيابية لبعض مضامين التقرير الأولي للجنة الخاصة التي شكلها رئيس الوزراء عمر الرزاز للتدقيق في فواتير الكهرباء بعد الشكاوى الكثيرة بارتفاع قيمها غير المبرر خلال الأشهر القليلة الماضية، أن المواطنين الذين اشتكوا كانوا على حق، وليس ذلك فقط، فقد تم تسليط الضوء على بنود غير منطقية وغير عادلة في الفواتير كفرق أسعار الوقودة وتعدد الشرائح.
في البداية وعندما ارتفع صوت مواطنين بالشكوى من ارتفاع الفواتير، تسابق مسؤولو الشركة ووزيرة الطاقة هالة زواتي وغيرهم بتبرير الزيادة وتحميل المواطنين مسؤولية ذلك، عازين الأمر لارتفاع الاستهلاك لبرودة الاجواء، رافضين أي مسؤولية للشركة، أو حتى افتراض الخطأ.
وبالرغم من تواصل الشكاوى، ومن استمرار الاحتجاجات إلى أن موقف إدارة الشركة والحكومة لم يتغير، بل بالعكس تم استخدام كل الوسائل لتحميل المسؤولية للمواطن، والتشكيك بصحة الشكاوى وتحميلها ابعادا أخرى، وكأن الشكوى هدفها المؤامرة وليست دوافعها صحيحة نتيجة الظلم الذي وقع على مواطنين جراء زيادة هائلة وغير مسبوقة وغير مبررة بفواتير الكهرباء.
وبالسياق، وزيرة الطاقة وبدلا من ان تمارس دورها بالتحقيق بالشكاوى حملت المواطنين مسؤولية ارتفاع الفواتير من خلال قولها في اجتماع لجنة نيابية مشتركة لبحث زيادة الفواتير، «كبسة الزر أصبحت أسهل لنا».
لقد دفع استمرار الشكاوى وتوسعها لعدم قناعة المواطنين بتبريرات الشركة والوزيرة زواتي رئيس الوزراء لتشكيل لجنة مختصة لبحث الشكاوى، وكانت المفاجأة أن تقرير اللجنة الأولي حول المشكلة كشف بإن الشركة تحمل بدل فاقد الكهرباء، وفوائد القروض للمواطنين، ما أدى إلى ارتفاع الفواتير.
ومع أن اللجنة أشارت في تقريرها الأولي، بحسب نواب، إلى زيادة الاستهلاك الكهربائي وتأثيره على زيادة الفواتير إلا أن ذلك ليس السبب الوحيد لارتفاع الفواتير، فهناك أسباب أخرى كبدل الفاقد وفوائد القروض.
وطبعا، فإن تحميل المواطنين فاقد الكهرباء وفوائد القروض اجراء غير دستوري وغير قانوني، ولا يمكن قبوله، فإن الحكومة الآن مطالبة باتخاذ إجراءات قانونية قوية لوضع الأمور بنصابها الصحيح.
وأول هذه الإجراءات التي يجب اتخاذها لمعالجة الوضع الخطأ، إعادة ما تم جبايته بغير وجه حق للمواطنين، وتحويل الملف برمته لمكافحة الفساد، ومحاسبة شديدة، وفق القوانين لكل من ساهم بهذا الخلل وهذه الخطيئة.
استعادة ثقة المواطن، لا يمكن أن تتم بعد هذا الخرق غير الدستوري لشركة الكهرباء، وتغاضي الحكومة طوال الفترة السابقة عن هذا الخرق، إلا بإجراءات حازمة وحاسمة.
الآن، وبانتظار التقرير النهائي للجنة المختصة، فإن المواطن لن يصدق ولن يقبل، تمرير الأمر بدون حساب، أو محاولة ايجاد تفسيرات أخرى لارتفاع الفواتير، أو لتحميل المواطنين بدل الفاقد وفوائد القروض.. نحن أمام محطة حاسمة، فاستعادة ثقة المواطنين، لايمكن أن تتحقق بدون إجراءات قوية ومحاسبة شديدة لكل المتورطين بهذه القضية.
وبهذا السياق، فإن نفي هيئة الطاقة والمعادن صحة التسريبات المتعلقة بتحميل المواطنين فاقد الكهرباء، لم يقنع الكثيرين، خصوصا أنه يأتي بعد سلسلة من التصريحات الحكومية ولادارة الشركة ترفض شكاوى المواطنين، ولم تقدم أي اثباتات حاسمة لموقفها.