سايكس بيكو 2011
بات من الواضح أن التاريخ بدأ بإعادة نفسه في منطقة الشرق الاوسط , وفي الوطن العربي على وجه الخصوص , فما حدث عام 1916 من القرن العشرين عندما تم تقسيم الهلال الخصيب الى دويلات صغيره وفق إتفاقية دنيئة بين البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرانسوا جورج بيكو , كان بأشبه بمن يقطع كعكة ويقوم بتوزيعها على محبيه , إلا أن الامر مختلف تماما في القرن الواحد والعشرين , فتقسيم الكعكة سيستغرق وقتا وبشكل مخطط له بأسلوب ضرب الداخل من الداخل دون أن يكون لهذه الايادي الخفيه أي دور ظاهر أو معلن على الساحة , وبعد ذلك يتم التدخل بطريقة شرعية , كما حدث في ليبيا .
ما يجري في المنطقة العربية من محيطها الى خليجها لا يطمئن ويثير الريبة في القلب , فالربيع العربي أشبه بـ فيروس معدي لا يكاد يبث سمومه في منطقة حتى تعدى منها أخرى , فيهلك جهاز المناعة لدى الدولة , بالرغم من استخدام هذه الدول لجميع المضادات ومراجعتها لاكثر من طبيب دولي , والنتيجة بأن المرض لا شفاء منه , إلا بعمل فورمات للمنطقة عن بكرة أبيها , وبالطبع فإن إعادة التهيئة ستكون على طريقة الطبيب المداوي .
البيت الابيض لغاية هذه اللحظة ينتقد وبشدة السياسة القمعية والاجرامية التي يستخدمها نظام الاسد ضد المتظاهرين ولكن إعلاميا , على النقيض تماما مما حصل في ليبيا القذافي , ففي ليبيا لم تكد تبدأ الثورة حتى تم الايعاز لحلف " الناتو " بالتدخل العسكري , لماذا لم يحدث ذلك في سوريا ؟؟؟! ربما لأن البيت الابيض يعلم تماماً بأنه اذا تم التدخل عسكريا في سوريا فإن إيران وروسيا لن تقفا مكتوفتا الايدي حيال حليفتهما , لذلك تم استقطاب تركيا التي بدأت تلوّح باستخدام القوة العسكرية ضد سوريا , وقد بدى ذلك بعد زيارة " أردوغان " لـ البيت الابيض مؤخراً , وكانت النتيجة بوضع رادار أمريكي على الأراضي التركية , الأمر الذي أثار حفيظة الفارسيين .
المعارضة السورية قامت باستنساخ الطريقة الليبية , وقامت بتشكيل مجلس وطني , تحسباً لسقوط النظام البعثي بشكل مفاجأ , وكأنها على يقين بأن موعد السقوط قد إقترب , سقوط النظام السوري هذا يعني بأن زلزالاً قويا سيهز المنطقة قد لا يستوعب مقياس ريختر تسجيل قوته , الامر الذي سيجلب تداعيات للمنطقة نحن في غنى عنها, وسيؤثر سلباً على الدول المجاورة له مثل الاردن والعراق وتركيا ولبنان , ومن المحتمل أن يصل البلل للذقن الايرانية , التي تتمنى عدم وصول الامر للتدخل العسكري الغربي , لأن ذلك سيعرقل مشروعها الروحاني " الهلال الشيعي " في المنطقة .
السؤال الذي يطرح نفسه ... هل إيران وروسيا ستتخليان عن نظام الاسد فيما إذا حدث أي تدخل عسكري غربي وتسيران على مبدأ " اللّهم نفسي " أم ؟؟! وهذه أتركها للقارئ الكريم .
mnasayra@yahoo.com