دراكولا

 

كم من الدماء يلزمك لتثبت انك ابشع دراكولا في التاريخ، وكم من اللحم يشبع الذئب المستوطن في عروقك، وكم من الصدور المؤمنة يجب ان تفتح حتى تمتلئ مخالبك  فتهدأ، كم من الحناجر ستنتزع  كي  تنام ليلك الهادئ دون ضجيج الهتافات، وكم يد ستقطع لإزالة اثار الاقلام من على الصحف، وكم من الأمهات يجب ان تفجع بفلذات اكبادهن كي يختفي نشيدهم من الشوارع، كم من المشركين تحتاج لنسخ القران من المساجد، وكم معول تكفي لهدم المنابر والمآذن.... وكم وكم ؟

دبابات تجوب الشوارع والساحات تهدر كالبحر تنشر الموت بين الحواري وعلى اعتاب البيوت  تختطف الطفل من على كتف امه وتنتزع لحية الشيخ وخمار الحرائر .. فكم دبابة تحتاج لتعلن النصر وتنشر رايات الافتخار والتحرير وتعلن اليوم الوطني فتنطلق زغاريد التلفزيون وهلاهل الصحف ويطلق ازلامك احدى وعشرين طلقة؟؟

الاشباح تتسلل في عتمة الليل تبحث في رعب عن ضحية اخرى يهدر دمها ليشرب القائد، وتراقب من تقب الباب لعلها تجد صورة رسول على الحائط او نشيد ثوري او قطعة قماش عندها تكسر القفل والباب والصورة وتحرق النشيد والعلم والجدار وتقطع اليد التي علقت تلك الممنوعات وتقلع العيون التي تراها واللسان الذي سكت على هذا الشرك،  فكم من الاشباح يكفي لإزالة الظلمة من صدر القائد او لإزالة النور من صدور المؤمنين؟؟

كل من يحمل المصحف رجعي وكل من يعلق خارطة الوطن عميل وكل من يرسم الوان العلم عنصري وكل من يغني بلادي هو اقليمي والجميع يمشي تحت عيون الكاميرات ورجال الظل والكل ينتظره ظلام السجن او رصاصة الاشباح فكم مدرسة يجب تحويلها الى سجن لاستقبال الشعب  وكم بندقية تكفي لأطلاق ملايين الرصاصات.

طريق الخلاص في بلاد سجن ستان تكمن في حفظ تعويذة القائد : فعلى الطالب ان ينشد علوم القائد في الطابور الصباحي وعلى العامل ان يذكر اسم القائد عند تشغيل الاله وعلى الامام ان يتكلم عن ايمان القائد والجندي يتحدث عن بطولات القائد والعازف يدندن لحن القائد والتاجر يفتخر بعبقرية القائد الاقتصادية والفلاح والبناء والسائق ......

ايها القائد العظيم هل يستحق الكرسي هذا الثمن؟؟ لقد ضحيت بإنسانيتك وشعارات النضال ووهم الانتصار وضحيت بالمليارات لبناء جيش ينتظر عدوه بشراهة لتزج به في ضلالة فيقتل اخيه ويشرد امه ويخرب بيته بيديه، لقد ضحيت بمن كنت تسميهم ابنائك وابناء الوطن لتشق صدورهم وتقتات على اكبادهم فحتى الذئاب تحمي جراؤها وحتى الحية تحتضن بيضها فمن أي الاصناف انت؟؟.

لقد ضحيت بالشرف الثوري ووعد الكفاح وقصائد درويش والفرا ... لقد ضحيت بأنفاس التاريخ في الازقة القديمة وموج البحر فوق رمال الذهب وكريستال الثلج فوق غابات الصنوبر ضحيت بكل الاشياء الجميلة لتضعها في بطن الاعداء والمتربصين والطامعين.

اذا كنت لا تسمع الاسئلة فأرجو ان تسمع الاجابة من الارهابين والماجورين والحاقدين والعملاء والمنشقين والخونة حسب تعبيرك، الان عليك ان تسمعهم للمرة الاولى فقد كنت عنهم في صمم وكنت لا تسمع سوى دائرة ظلك الخادع، الان عليك ان تراهم فقد اعمى الله نظرك عنهم وحصرت بصرك فوق الرؤوس، الان كشف عنك قناع الخداع فبصرك اليوم حديد، الان تحدث اليهم وحان الوقت لتخرج من زيف البطانة ومن وهم الاصدقاء والمخلصين.

لقد قالوا بان الكيل طفح من سنين القحط والقهر والتعذيب وحركة الكاميرات واسماء المخبرين وقالوا بانهم ضجروا احاديث القائد والثورة الوهمية  والمستقبل الواعد، قالوا بان اياديهم ما عادت قادرة على نفاق التصفيق وعقولهم ما عادت تستوعب خرافات الاعلام وقالوا وقالوا...

ثم خرجوا عن القول وكتبوا على الجدران المتشحة بالدماء ارحل... ارحل اليوم وليس غدا.. ارحل بالتاريخ القاسي وبآلام السنين.. ارحل وليرحل معك الاشباح والبطانة واللصوص ولتطاردك دموع الامهات وندى الدماء فوق الجباه البريئة والحارات  الثكلى .. ارحل واحمل صورك والشعارات والزيف واثار الكفر ووعد المستقبل... ارحل واتركنا هنا في الارض نشم رائحة التراب التي دفن فيها احبتنا .... ارحل فمن المستحيل ان ترضى ارض ان نسير عليها سويا.

سيدي القائد: لقد سلبت كل شيء فالوطن بخريطته لك والشجر والحجر والبحر والرمال لك... والمال والعمولات والصفقات لك .. والحديث والاعلام والبطولات والانتصارات لك ... والجيش والامن والاشباح لك... ، لقد اخذت كل الاشياء وجعلتها لك ..... والان تطلبنا بأجسادنا ... فخذها كما تشاء وككل الاشياء لك ولكن حتما لن تأخذ الارواح لأنها تأبى ان تكون لك.