انتصار غير حاسم لنتنياهو


لم يكن النصر الذي حققه نتنياهو وحزب الليكود في انتخابات الكنيست الإسرائيلية التي أجريت هذا الأسبوع مفاجئا وذلك لأسباب عدة من أهمها قدرة نتنياهو الذي تربع على رئاسة الحكومة الإسرائيلية لأكثر من عشرة أعوام واستخدم كل علاقاته وخاصة الخارجية منها في حملته الانتخابية. وبالرغم من أن الولايات المتحدة كانت تنوي الإعلان عن صفقة القرن بعد الانتخابات الإسرائيلية إلا أنه استطاع أن يُقنع مطبخ صفقة القرن قبل الانتخابات والتي كان نتنياهو مشاركًا بالإعلان عنها مع الرئيس ترامب في واشنطن. لقد تبنت الخطة الأميركية خطة اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة نتنياهو والتي ساعدت بشكل كبير في الحفاظ على تماسك حزب الليكود والتفافه حول رئيسه. كذلك الاختراقات التي أحرزها في العلاقات والتطبيع مع بعض الدول العربية وخاصة الاختراقات بالعلاقة مع السودان كانت أيضًا تصب بذلك الاتجاه. أخيرًا استمرار نتنياهو في توجيه الضربات للحرس الثوري في سورية أعطى له صورة الزعيم القوي.
كل هذه العوامل وبالرغم من التهم بالفساد الموجهة إليه ساعدت بحصول حزبه على الرقم واحد بين الأحزاب الإسرائيلية أما السبب الثاني المباشر فهو عدم قدرة حزب أزرق – أبيض أن يميز نفسه عن سياسة نتنياهو حيث اضطر زعيم الحزب لحضور مؤتمر الإعلان عن صفقة القرن وقبولها بتفاصيلها لاحقًا استطاع نتنياهو إظهار غانتس، والذي فاز حزبه بالمرتبة الثانية، بمظهر الرجل الثاني غير القادر على قيادة الحكومة الإسرائيلية.
أما السبب الثالث فهو الفوز التاريخي للقائمة العربية بخمسة عشر مقعدًا نتيجة للمشاركة الكثيفة للناخبين العرب في الانتخابات والذي وصفها أحد المحللين الإسرائيليين بالزلزال والذي أدى لإضعاف قدرة اليمين الإسرائيلي على إحراز أغلبية المقاعد. بهذا الفوز للقائمة العربية الموحدة تصبح ثالث أكبر حزب أو تكتل في الكنيست الإسرائيلي.
لكن فوز نتنياهو والتكتل اليميني لم يكن حاسمًا بحيث لم يستطع تأمين الـ61 مقعدا والتي تمنحه الأغلبية بتشكيل الحكومة القادمة. هذا يعني أن السيناريوهات مفتوحة والتي من أهمها وما يعمل عليه نتنياهو هو محاولة إحداث شرخ في حزب غانتس أو ابتزاز بعض الأعضاء للانضمام للتحالف اليميني الإسرائيلي. هناك احتمالات أخرى كحكومة وحدة وطنية بالتحالف مع حزب غانتس أو ليبرمان أو كليهما ولكن هذه الاحتمالات ضعيفة لأنها لم تنجح بالسابق بعد الانتخابات الأولى والثانية.
إذا لم تنجح أي من هذه الاحتمالات فالذهاب لانتخابات رابعة في أيلول يُصبح إجباريا. المسألة الأخرى والتي يمكن أن تؤدي لتغيير قواعد اللعبة هي ماذا سوف يحصل بمحاكمة نتنياهو المتهم بقضايا الفساد والرشوة والتي ستبدأ باستجوابه قبل انتهاء مدة تشكيل الحكومة والتي سوف تمنح لنتنياهو كونه الفائز بأكثر عدد من أصوات الكنيست. هناك محاولات سوف تجري لإقناع الرئيس الإسرائيلي بعدم تكليفه لتشكيل الحكومة وذلك بسبب الاتهامات الموجهة له واحتمالية إدانته في القضايا المنظورة امام القضاء.
انتصار مهم غير مفاجئ لحزب الليكود بقيادة نتنياهو ولكنه ليس انتصارًا حاسمًا لعدم قدرته على الحصول على أغلبية المقاعد المطلوبة لتشكيل الحكومة مما سوف يؤدي لاستمرار الأزمة السياسية في إسرائيل في ظل ظروف إقليمية غاية في التعقيد