هل يشعر الأردن بالخطر..؟

اخبار البلد-

 
هل يشعر الاردن - الآن - بالخطر؟ التصريحات التي ادلى بها جلالة الملك اكثر من مرة مؤخرا تكشف جانبا من الاجابة، واذا اضفنا لذلك التصريحات التي اطلقها رئيس الوزراء في مقابلته مع السي ان ان، فان ثمة ما يشير الى ان بلدنا يتعرض لضغوطات غير مسبوقة، وان درجة «الخطر» التي يستشعرها - في هذه المرحلة - اكبر واشد، مما يعني اننا امام امتحان «عصيب» مثقل بالاسئلة والتحديات، ولحظة دقيقة تحتاج الى وقفة طويلة لمراجعة الخيارات، وفحص الاستعدادات، والاحاطة بكل المستجدات والمتغيرات، لفهمها والردّ على ما تطرحه من استفهامات وتوقعات.
الآن، يتماهى الموقفان الرسمي والشعبي في تحديد مصدر «الخطر» الذي يواجه بلدنا، وهو اسرائيل تحديدا، ويتماهيان في تحديد «المرتكزات» التي تنطلق منها المواقف والردود، وهذه حقيقة عبّر عنها الملك بصراحة في خطابه امام البرلمان الاوروبي، واعتقد ان الرسالة وصلت، وان بوسعنا - الآن - ان نفهم ما يجري من «محاولات» لدفعنا الى قبول المعروض، او الانحناء لمرور العاصفة، او الموافقة على «الادوار» المقترحة، وان نفهم - ايضا - ما انتهينا اليه من مواقف حاسمة تجاه هذه «المحاولات» وما يفترض ان ننهض به لاحقا لترجمة هذه المواقف على صعيد الحكومة ومؤسساتنا ومجتمعنا ايضا.
كيف؟ هذا يحتاج الى كلام طويل، لكن من المفيد ان نشير الى ان واشنطن اندفعت بعيدا في «تغيير» قواعد اللعبة، وتنصلت من كل التزاماتها، وفي مقدمتها استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين وما يترتب عليه من استحقاقات، وبالتالي فانها اعطت لاسرائيل الضوء الاحضر لتجهز نفسها «لأجندة» حربية، عنوانها الوهمي «ايران» وهدفها تصفية القضية الفلسطينية نهائيا، ولهذا فهي تشعر بالارتياح ازاء «انسداد» المصالحة الداخلية بين الفلسطينيين، وازاء غياب «الفاعل» العربي، بل واختراق النظام السياسي العربي ومد جسور التطبيع معه.
في هذا الاطار، يمكن الربط بين مسألتين: احداهما تتعلق بمنطق «التفجير» الذي تفكر به تل ابيب للخروج من«ازماتها» الداخلية الخانقة، وفي مقدمتها ازمة الهوية وازمة «الثأر» وازمة الخوف ناهيك عن شهية «التمدد» والنفوذ والسيطرة، وهو منطق يبدو ان اسرائيل انحازت له نهائيا، ولم يعد ثمة خيار لها للتراجع عنه، اما المسألة الثانية فتتعلق بانعكاس هذا المنطق الاسرائيلي على المنطقة، وعلى الاردن تحديدا، واعتقد - هنا - بأن محاولات تل ابيب المتكررة - والمعلنة ايضا - لاستفزاز الاردن، تتجاوز حدود «اختبار» الردود والمواقف، وتتجاوز - ايضا - حدود الجهود المتعلقة بالتسوية والمفاوضات والصراع حولها، الى قضايا اوسع واهم تتعلق «بالمنطقة كلها» وبالدور الاردني عموما فيها، وهي قضايا متشابكة ومعقدة، وللأردن - على ما يبدو - موقف حاسم منها لا يستطيع ان يتنازل عنه او يغيره.
في ضوء ذلك، لم تعد «البرودة» التي توصف بها العلاقات الاردنية الاسرائيلية وصفة صالحة للاستخدام، فقد وصلت العلاقة الى درجة «الجمود» السياسي الكامل، وبوسعنا ان نتوقع ما هو أسوأ من ذلك اذا لم تتوقف تل ابيب عن منطقها «الاستفزازي» والتفجيري، واذا لم يقتنع العالم بان صمته عن الممارسات الاسرائيلية سيقود المنطقة كلها ومعها البشرية، الى حروب جديدة تأكل الاخضر واليابس.