!! يا طولة البال !!

 

كثيرا ما يسمع المرء عن تذمر الاشخاص من تصرف او تصرفات معينه وترى الناس يتجاذبون اطراف الحديث حول هذه التصرفات او السلوكيات او تلك ولعل ما يشد الانتباه ..كثرة الحديث عن تصرفات السائقين خاصة ونحن نعاني مما نسمع من ماسي تتكرر سببها تصرف خاطئ او عدم (طولة البال)كما يقولون فبين الخطا والصواب شعرة قد تقصم ظهر البعير.

كلنا نعرف أن الأخلاق مرتبطة بالحضارة والمدنية وما تبعهما من عادات وتقاليد وموروثات وممنوعات وما بداخلها من مباح وعكسه ، والويل لمن تتحرك رغبته أو غريزته الإنسانية إلى الامتناع عن التطبيق الحرفي لما يصدر إليه من سدود أمام مشاعره وأحاسيسه وخطوط حمراء خلال مسيرة تفكيره محيطاً بالمقدس والقِيّم التراثية والفكر المنغلق، فينتج تسيب وعنف وفوضى بين طموح الإنسان ورغبته في التحرر والانفتاح وبناء إنسانيته وتجديدها ليكّون له روحاً أسمى من التي يحملها ألا وهي الروح الوطنية العملية ! وبين الثقل والتأثير على الأنا قبل أن تنضج وتصبح النحنُ من خلال أنظمة جاهزة تعتبر الإنسان وسيلة وليس هدفاً مما تحد من مبادراته بحيث تُبقي على منغوليته ويجبر على التخلي عن تطوره الطبيعي مبتعداً عن مقولة توما الاكويني “الطبيعيات ليس فينا

إذاً هناك مسافة واسعة وكبيرة بين الواقع “كما هو” و”كما نريده أن يكون”، الواقع كما هو يعني هناك مبدأان : مبدأ “الحقيقة” التي تعطى معنى لحياتنا كبشر بوجود علاقات إنسانية تؤدي إلى أخلاق مبنية على الحق! والمبدأ الآخر”الأداء” الذي هو تكميل الواجب المناط بيّ كانسان وشخص، أما “كما نريده أن يكون” يستند على مبدأين أيضا – الأول: مبدأ “الفرض” هنا الفرد يستغل الإنسان، والمؤسسة تستغل مؤسسات فيكون إلزام الفريضة وينتج سجن للإنسان حارسه الشخصي هو الإنسان نفسه! والثاني هو: “مبدأ القوة” بأنواعها – الفكرية والدينية والاجتماعية والمالية! ونتيجة دمج المبدأين (الفرض/القوة) ينتج (كما يردونه أن يكون) وبهذا يبقى الإنسان شبه آلة ينطق كببغاء ما يملي عليه ولا يعرف معنى كلماته، وبالتالي لا معنى لحياته بل بالعكس أن ذلك يؤدي إلى التطرف والعنف وعدم قبول الآخر لا بل إلغاءه ووجوب فنائه.

والجمع بين مبدأي (الحقيقة والأداء) فينتج عنهما تطبيق مقولة الاكويني (الطبيعيات ليست فينا) والتي سبق وان طرحناها في عدة مناسبات قبل سنين! ولكن اليوم لابد من الإشارة إليها لأنها تتعلق بواقعنا المعاش كما هو: أما أن تبقى كانسان او تفقد جزء من إنسانيتك لصالح بقاء الفوضى وفرض الفكر والأسلوب والمنهج بالقوة وبالتالي فقدان الأمن والسلام، إذاً هذه المقولة من فم قديس زمانه وفيلسوف ولاهوتي تؤكد على مبدأ : كل إنسان يمر بمراحل التطور نفسها (قبل الولادة – الطفل – الصبي/المراهقة – الشاب / الرجولة والأنوثة – البلوغ / معرفة الذات – الشيخوخة/الكمال والنبوغ،،) وتختلف هذه المراحل من شخص إلى آخر من ناحية الفترة الزمنية ونموه وفكره وثقافته وعاداته وتقاليده وغريزته ومشاعره الإنسانية حسب الظروف الذاتية والموضوعية التي يمر بها، كفرد وكشخص بشري!

 والحكمة كفكرة وكواقع معاش تؤكد على أن كل فرد يجب أن ينتقل من فرد إلى شخص عن طريق السمو على طبيعته البشرية ليس كل يوم بل كل ساعة ولحظة من خلال ما يقوم به من فعل متجدد تجاه نفسه كانسان وتجاه غيره ومن حواليه من بشر! وكمثال إن اسمي جهاد– محمد  – علي  – عبدالله –  زغول ،،،أي اسم عندما أضع رأسي على وسادة قبل النوم أسألْ نفسي: هل تغير اسمي خلال عملي هذا اليوم؟ الجواب كلا طبعاً! لا يتغير الاسم طيلة حياتي، طيب وما المطلوب اذاً أن يتغير؟ وجوب أن يتغير ويتجدد عملي كانسان! فان عملتُ الخير للآخر كرجل دين، وأرجعت الحق لأصحابه كناشط حقوق إنسان، وزرعتُ الأمن والأمان في نفوس شعبي كرئيس للوزراء! ولو بأية نسبة حتى في تطبيق الخطة السنوية والرباعية (بدل أن نقول الخطة الخمسية) فمعنى هذا أنني ككاتب وناشط حقوق إنسان ومثقف وعامل وفلاح وطالب ووزير ومستخدم وشرطي وضابط،،، قد تجاوزتُ طبيعتي الإنسانية باتجاه تجديدها (بخيرها وحبها ومحبتها وعملها الصالح واعترافها بالآخر وقبوله) عندها أكون أو اعتبر “أن الطبيعيات ليست فيّ” إما أن وضعتُ راسي على مخدتي ولم افعل شيئاً يُذكر تجاه نفسي وعائلتي ومدينتي ومجتمعي!! وانتم افهموها وهي طايرة، وسؤالنا هو: ماذا يلقب الإنسان الذي ينام وهو قد سرق من مال الشعب كذا ألف أو مليون أو حسب عدد الأصفار من مال شعبه وعلى حساب أطفال الشوارع واليتامى والأرامل والمهجرين، أليس هذا إطعامنا عسلاً مُراً ؟ أوقتل العشرات وإصابة المئات لا يفرق بين سني وشيعي ومسلم ومسيحي  ويهودي، ماذا عن الذي ينام على حسرة عدم موافقته على مشروع أو مقاولة ليس فيه لغف دولارات؟ وعن الذي يبتسم قبل أن ينام ويقول في سره: ضحكتُ عليهم في رفع شعار الديمقراطية وطَبَقّتُ الدكتاتورية وهم صاغرون! مثل واحد يقدم طعام للضيف فوق الماعون عسل وحلاوة وتحتهما ؟؟،، وماذا عن الذي يبيع وطنه؟ وين الوطن يلكاه – .

 لذا نطلب ونريد ونحتاج إلى وطنية حقيقية وعملية لا عسلاً مُراًّ، فلا بد من التغيير والإصلاح ! ويا طولة البال !                 الكاتب جهاد الزغول