لماذا لا تشكل: «أمانات كبرى» لمحافظات المملكة؟

محمود الداوود
تواجه وزارة الشؤون البلدية هذه الأيام أزمة حقيقية، بسبب «فشل» دمج البلديات الذي تم اعتماده سابقاً، بدليل كثرة طلبات المواطنين الراغبين بانفصال بلدياتهم عن تلك البلديات التي تم دمجهم فيها، وبحجة أن البلديات المدموجة واجهت الظلم من قبل البلديات الدامجة، إذ يستأثر رئيس وأعضاء البلدية الدامجة بالخدمات على حساب البلديات المدموجة.
هذه الأزمة تولدت بسبب إجازة القانون لكل قرية أو منطقة يبلغ عدد سكانها خمسة الاف شخص أن يتقدموا بطلب فصل بلديتهم أو استقلاليتها، ما تسبب في إرباك كبير لعملية التسجيل للانتخابات البلدية.
ولأن مسألة ضم بلديات ودمجها أو انفصال بلديات واستقلاليتها يتبعها الكثير من الإجراءات والموافقات، فإن العملية تبدو مربكة في مثل هذا الوقت الحرج، تسعى فيه الحكومة لاتمام عملية الانتخابات البلدية.
ورغم أن وزير الشؤون البلدية خرج علينا منذ يومين من خلال صحيفة العرب اليوم، ليقول إن البلديات المستحدثة أو تلك التي انفصلت ستجري فيها انتخابات لاحقة، ما يثير علامة استفهام حول ضرورة إجراء الانتخابات قبل نهاية هذا العام، فتبدو كأن الانتخابات ستجري فقط في نصف بلديات المحافظات، وأن النصف الآخر ستجري الانتخابات فيه لاحقا، فما المبرر إذن لإجراء انتخابات بلدية مرتين؟
يبدو لي شخصياً أن تأجيل الانتخابات البلدية إلى وقت آخر من العام القادم، هو الأنسب، لضرورة إجراء بعض التعديلات على قانون البلديات، إذ لا أجد من وجهة نظري الشخصية أي ضرورة لكل هذا العدد من البلديات وكل بلدية لها استقلاليتها، فهذا سيشكل عبئاً كبيراً على الوزارات وعلى الدولة الأردنية.
اعتقد أنه آن الأوان لنا في الأردن أن نكون أكثر رقياً في مسألة البلديات، وأنه آن الأوان لعمل «أمانات كبرى» على مستوى المحافظات وبشكل مختلف قليلاً ربما عن أمانة عمان الكبرى، على أن يكون هناك أمانة اربد الكبرى، وأمانة عجلون الكبرى، وأمانة جرش الكبرى، والمفرق ومأدبا والطفيلة والكرك والعقبة وهكذا. اثنا عشر أمانة بعدد محافظات المملكة، على أن يتم عمل مجلس بلدي في كل بلدية (سابقة) قبل نظام دمج البلديات، وأن يكون كل رئيس بلدية عضو هيئة عامة في مجلس أمانة المحافظة، ثم إجراء انتخابات داخلية لكل محافظة لرؤوساء البلديات لاختيار مجلس بلدي المحافظة الذي يشكل بالنهاية مجلس أمانة تلك المحافظة، على أن يتم انتخاب أمين تلك المحافظة من مجلس الأمانة المنتخب من الهيئة العامة من رؤساء مجالس البلديات.
بعد ذلك تقوم أمانة تلك المحافظة بالإشراف والعمل على تقديم الخدمات لكل البلديات، ويكون للأمانة دور خدماتي، وتكون للبلديات أدوار تنموية وإشرافية وتنتقل طلباتها لمجلس أمانة تلك المحافظة.
أعتقد أن مثل هذا الإجراء يختصر على الدولة الكثير، ويحدد أدوار أمانات المحافظات وتتضح موازناتها المالية ومتطلباتها، كما يخفف الضغط على وزارة البلديات.
لذا أرى أنه لا بد من تأجيل الانتخابات أولاً، والبدء فوراً بعمل قانون يتيح تحقيق الفكرة المطروحة هنا ولو بقانون مؤقت عاجل، أو انتظار مجلس النواب في دورته القادمة لمناقشة القانون وإجراء التعديلات اللازمة، حتى لا نجد أنفسنا في وقت ما أمام المئات من البلديات المستحدثة التي ستثقل كاهل الوزارة والدولة بشكل عام.
mang12238@yahoo.com