الخطة الأمنية الجديدة ...شكوك في النجاح


وأخيرا اعترفت مديرية الأمن العام بشيوع ظاهرة الجريمة وأعلنت أنها بصدد إعداد وتنفيذ خطة جديدة للحد مخاطرها الداهمة في محاولة فيما يبدوا لصد الهجمة الجنائية التي يتعرض لها الاستقرار في الأردن في سياق حالة الهزال العام وعجز مؤسسات الحكم عن وقف مظاهر الفوضى وتنامي الفساد الذي أصبح  يهدد أركان الدولة وعلى وشك الإطاحة بالنظام العام .لكن هنالك شكوك لها ما يبررها حول نجاح الخطة المعلنة.
ليس لدى المديرية فيما نعلم طاقات احتياطية مخبأة يمكن استخدامها في مثل هذا الوقت المضطرب لزيادة المحصول الأمني، وقد أعلنت مرارا أنها تعمل بكل إمكانياتها المادية والبشرية ومع ذلك لا زالت الأوضاع الأمنية في انحدار وهي إذ تضع خطط وهمية دون امتلاك أدوات التنفيذ كمن  يحاول إدخال الجمل في سم المخيط .
هناك نقص حاد في الكوادر كشف النقاب عنه رسميا  قبل أيام تسبب بإحداث فراغ  امني لربع مناطق المملكة  ويستحيل عمليا الحديث عن خطة أمنية شاملة الآن ، وقد لا يكون الإعلان مقبولا  حتى ولو  قيل على سبيل التوجيه وحث المرؤوسين على الحذر وبذل المزيد من العطاء والجهد أو لمقاصد إعلامية اعتيادية  .
 تطوير الاستراتيجيات لا يتحقق بالأمنيات أو يأتي بالمجان ومؤسسة الأمن العام في سبيل الإيفاء بالتزاماتها لتأدية حقوق  المجتمع محكومة بخيارين اثنين إذا ما كانت جادة  فيما تقول وتنوي تبني حل جديد للمعضلة الجنائية يسمن ويغني من جوع  الأول بإعادة الهيكلة ،والثاني باستحضار إمكانيات مادية وبشرية جديدة أو مزج الخيارين معا وما عدا ذلك محض وهم وخيال .
إعادة الهيكلة تعني التخلص أولا من الحمولة الزائدة  وإلغاء الإدارات والوحدات الدخيلة كإدارة البيئة وإدارة شرطة الأحداث على سبيل المثال والتي ابتلعت أجزاء كبيرة من القوة وأضعفت إجراءات منع الجريمة فاختفت اغلب الدوريات الراجلة والمتحركة في المناطق والأحياء السكنية وتناقصت أعداد العاملين في البحث الجنائي وحدت من قدرتهم  على  متابعة المجرمين  ومراقبة  المشبوهين  وسهلت عمل اللصوص وراجت تجارة المخدرات نتيجة لاستنزاف الجهد والاحتياجات الضرورية لإدامة كفاءة أجهزة الضبط  لانشغالها بواجبات لا تقع غاياتها وأهدافها حسب الأعراف العالمية  في اختصاص  دوائر الأمن وكانت الزوائد التنظيمية قد استحدثت في ظروف مشابهه لظروف محاولة استحداث الكازينو وجملة مشاريع الفساد التي قادت لظهور ملامح عصيان النظام ،وعملية الإلغاء  كالاستحداث في غاية السهولة وسجن سلحوب مثالا .
الخيار الثاني المفقود يتطلب رصد موازنة إضافية للتعبئة الأمنية لغايات التجنيد وشراء الآليات والتجهيزات الشرطية لتغطية تكاليف ضمانات نجاح أي مخطط يستهدف خفض منسوب الجريمة وإعادتها إلى مستوياتها الطبيعية.وفي ظل غياب مقومات الخيارين سيتم اللجوء إلى المسكنات ووسائل  الإغارة البدائية  الفاشلة باستخدام الحملة  الأمنية التي أزيلت من قاموس الأجهزة العصرية والقائمة على مضاعفة ساعات العمل ومنع أجازات الكوادر الميدانية واستعارة عناصر وتجهيزات بصفة مؤقتة من الوحدات الخدمية الأخرى العاملة كالمرور والحدود والترخيص والأجانب والتسبب بإحداث أزمات بانجاز معاملات المواطنين وخدمة الجمهور وهذا الذي سيحدث بالفعل في تنفيذ ما يسمى بالخطة الجديدة .
Fayz.shbikat@yahoo.com