الديوان يرغب بلقاء الإسلاميين

تامر الصمادي - ذكرت مصادر سياسية أن مسؤولين في الديوان الملكي عبّروا مؤخراً عن رغبتهم في لقاء قيادات الحركة الإسلامية، لبحث القضايا الخلافية المتعلقة بعملية الإصلاح، وثني حزب جبهة العمل الإسلامي عن قرار تعليق مشاركته بالانتخابات البلدية القادمة.

المصادر التي فضلت عدم نشر اسمها، أشارت إلى أن وسطاء أكدوا لقيادة الحركة رغبة الديوان بتدشين حوار بنّاء معهم، والسعي لسحب فتيل الأزمة الملتهب بينهم وبين الدولة.

كما لفتت المصادر إلى وجود رغبة مماثلة لدى الإخوان بالدخول في حوار سياسي من هذا النوع برعاية ملكية.

وعلقت الحركة في وقت سابق مشاركتها بالانتخابات البلدية، ورهنت المشاركة بالاستجابة لمطالبها الإصلاحية.

وبحسب تسريبات مؤكدة من مطبخ صنع القرار؛ فإن مسؤولين في الديوان وضعوا ثلاثة سيناريوهات محتملة، للتعامل مع الإسلاميين ومقاطعتهم لأي انتخابات قادمة.

ويتمثل السيناريو الأول، بإشاحة الوجه عن مطالب الحركة والامتناع عن محاورتها، وأن تسير الإصلاحات الرسمية كما رُسم لها ضمن القنوات التقليدية، لتجرى الانتخابات البلدية في موعدها بداية العام القادم.

لكن السيناريو المذكور، سيكبد الدولة وفق مراقبين خسارة فادحة تتمثل بفقدان شرعية العملية الإصلاحية والانتخابات التي باتت تطرق الأبواب، في حال أصر الإخوان على مواقفهم.

أما السيناريو الثاني، فيتمثل بإيفاد أحد رموز الديوان إلى الإسلاميين ليحاورهم، ويصل معهم إلى قواسم مشتركة. وقد اقترح لهذه المهمة وفق المعلومات، رئيس الديوان الملكي خالد الكركي.

في حين يهدف السيناريو الأخير إلى إطلاق حوار طويل الأمد بين الدولة والإسلاميين يتقدمه الملك، يسعى لترسيم دور الحركة في المرحلة القادمة، والاتفاق على قواعد اللعبة السياسية بين الدولة والجماعة.

وكان الناطق الإعلامي باسم الإخوان المسلمين جميل أبو بكر قال في تصريحات صحافية أمس إن 'الحركة الإسلامية تدارست طلباً رسمياً للحوار معها'.

وأشار إلى أن الحوار الذي تريده الحركة 'سياسي على المستويات العليا، وأن يفضي إلى نتائج ملموسة'.

وبرأي الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان؛ فإن إصرار الإسلاميين هذه المرة على تدشين الملك لأي لقاء رسمي معهم 'نابع من خيبة أمل مشروعة في الحوار مع الحكومات المتعاقبة، التي خلصت جميعها إلى لا شيء'.

وقال لـ'السبيل': 'المطلوب الآن، حوار استراتيجي بين الدولة والإخوان يتسم بالاستمرارية والديمومة. إذا استمرت مقاطعة الإسلاميين للانتخابات البلدية والنيابية، فمبرر تلك الانتخابات ومشروعية الإصلاحات ستكون على المحك، وستخسر الدولة جزءاً كبيراً من المعركة قبل أن تبدأ'.

وأضاف: 'هناك إدراك حقيقي لدى مراكز القرار بفشل أي انتخابات قادمة إذا غاب الإخوان عنها، ومعهم العديد من القوى السياسية التي أعلنت تحفظها في أكثر من مناسبة على مآلات الإصلاح'.

الكاتب سلطان الحطاب يرى أيضاً أن الحوار سيكون سيد الموقف والوسيلة المثلى للوصول إلى أي نتائج، لكنه انتقد ما أسماه عجز الحكومة عن إنضاج حوار حقيقي مع قوى المعارضة وعلى رأسها الإسلاميين.

وقال لـ'السبيل': 'أتمنى أن يقتصر الحوار مع الإسلاميين على الحكومة، فالملك قادر أن يوعز لرئيس الوزراء بأن يمثله، وفي حال لم ينجح الرئيس بإدارة اللقاء، فعليه أن يغادر موقعه'.

وزاد: 'يجب أن يبحث المسؤولون في أسباب استنكاف الإسلاميين عن المشاركة بالانتخابات، وأن تذلل تلك الأسباب، بشرط أن تراعى المصلحة الوطنية العليا، وأن لا تكون شروطهم فوق قدرة الدولة على تلبيتها'.

وكانت الحركة الإسلامية بسطت جملة من المطالب حتى تعدل عن مقاطعتها للانتخابات، حيث طالبت بتشكيل حكومة إصلاح وطني لإدارة المرحلة، والإشراف على الانتخابات البلدية والتشريعية، وإجراء تعديلات دستورية تدفع باتجاه تحصين مجلس النواب من الحل، وتشكيل الحكومة من الأغلبية النيابية، علاوة على المطالبة باعادة النظر في آلية تشكيل مجلس الأعيان أو الاكتفاء بمجلس النواب سلطة تشريعية.

كما دعت الحكومة إلى التقدم بمشروع قانون انتخابي يلبي المطالب الشعبية وفق تعبيرها، ويستند إلى النظام المختلط الذي يجمع بين القائمة النسبية وانتخاب الدوائر ، إضافة إلى تشكيل هيئة عليا مستقلة لإدارة الانتخابات البلدية والبرلمانية والإشراف عليها.

يشار إلى أن الحركة انسحبت من الانتخابات البلدية التي جرت عام 2007 يوم الاقتراع؛ احتجاجاً على 'التزوير'، كما قاطعت الانتخابات النيابية عام 2010.