سياسة التجزئة لمؤسسات الدولة
المشهد العام لمؤسسات الدولة سواء في القطاع العام او الخاص يدعو للأسف الى ما وصلت اليه من تفتت وتجزئة كانت محصلتها بعثرة الموارد واضاعة الجهود البشرية, لدرجة ان المراقب يشعر ان استراتيجية الحكومات موجهة نحو تقسيم المؤسسات لا توحيدها.
آخر صرعات حكومة البخيت مشروع البلديات والذي قام البخيت بنفسه في عام 2007 بالاشراف على مشروع الدمج, ليأتي اليوم ويقسمها من جديد, وكأنه يحاكم حقبته الماضية.
الغريب في هذه السياسة التي انتفض المواطنون بوجهها ان مشروع تقسيم البلديات ثم استحداث وحدات جديدة يتطلب انفاقا عالي المستوى, فالخطة تتحدث عن ما يناهز الـ 250 بلدية, بمعنى اننا بحاجة الى 250 مقرا بمكاتبها وطواقمها ومعداتها, في الوقت الذي تجاوز فيه الدين حاجز الـ 13 مليار دينار والعجز وصل الى 1.16 مليار دينار, فمن اين ستوفر الحكومة تلك الاموال?
الغريب في الامر, هو ما الهدف من تقسيم البلديات, هل هو لارضاء الشارع بان تكون هناك بلدية لكل مواطن?, أم ان الامر متعلق برفع الكفاءة وزيادة الانتاجية? ... أم ماذا بالضبط لا احد في الحقيقة يعلم شيئا عن مغزى تلك القرارات.
طبعا, هذا المشهد مطبق في الدولة منذ سنوات, فالقطاع العام مليء بالمؤسسات والهيئات ذات الاعمال المتشابهة, فهناك وزارة للاتصالات مقابل هيئة, وهناك وزارة للنقل مقابل هيئة ايضا وهناك مؤسسة تشجيع الاستثمار بجانب المدن الصناعية والحرة والمناطق التنموية والعقبة وتنمية المشاريع.
هناك غرف تجارية في كل مكان وفوقها غرفة تجارة الاردن, وكذلك الامر بالنسبة للصناعة اضافة الى ذلك وجود جمعيات للمستثمرين في سحاب والموقر وجنوب شرق سحاب والمدن الصناعية واربد والمصدرين ومنتجي الادوية والبلاستيك ومصدري برامج الكمبيوتر وهكذا عَدَّد ولا حرج, فالدولة فيها من المؤسسات ما يجعلها تتزاحم فيما بينها لتمثيلها في الوفود الرسمية, وكم كان الامر مضحكا في بعض الزيارات للخارج.
الاردن ليس بحاجة الى كل تلك المؤسسات التي بات بعضها عبارة عن مزرعة لمسؤوليها او مكاتب علاقات عامة, الاردن بحاجة حقا الى توحيد فعلي لتلك الهيئات, فألمانيا لا يوجد بها سوى اتحاد للغرف التجارية والصناعية معا, اتمنى ان تكون الرسالة وصلت.