معضلة الوجود الأميركي في أفغانستان بعد العام 2014

تقع قاعدة باغرام التي توفر للجنود الاميركيين كل وسائل الراحة التي يحظون بها في الولايات المتحدة، في قلب نقاش حاد حول الوجود العسكري الاميركي في افغانستان بعد سحب القوات القتالية التابعة للحلف الاطلسي المقرر في نهاية 2014.
وتتساءل كابول وواشنطن في سياق المفاوضات الشاقة الجارية بشأن «شراكة استراتيجية» بين البلدين في المستقبل، حول مسألة ابقاء حوالي عشر من هذه القواعد التي توازي بحجمها مدنا اميركية صغيرة، في وقت لا تبدو فيه القوات الافغانية قادرة وحدها على منع عودة طالبان الى السلطة.
وان كانت الولايات المتحدة تؤكد علنا انها لا تريد ابقاء قواعد دائمة في افغانستان، الا ان هذا الموقف الرسمي لا يعكس حقيقة اهدافها.
ويرى عدد من الخبراء في شؤون افغانستان ان واشنطن تستعد لترسيخ وجود قواعد مثل قاعدة باغرام شمال كابول التي تؤوي اكثر من 30 الف شخص من جنود ومدنيين متعاقدين مع الجيش وتؤمن لهم مجموعة خدمات واسعة من مطعم بيتزا هات الى الوكيل الذي يسلم الجندي مفاتيح سيارته الشيفروليه لدى عودته الى دياره، مشيرين الى ان اعمال توسيع هذه القواعد المستمرة. وانطلقت المفاوضات بين كابول وواشنطن حول الشراكة الاستراتيجية ما بعد 2014 في شباط غير انها تصطدم على ما يبدو بعقبات.
واعلن الرئيس الافغاني حميد قرضاي مؤخرا ان الولايات المتحدة ترفض عددا من الشروط التي تعتبرها كابول اساسية للحفاظ على وجود دائم بعد العام 2014، ومنها وجوب ان تكون تحركات القوات الاميركية ضمن اطار القانون الافغاني وألا تتصرف إلا بموافقة السلطات الافغانية. وردا على سؤال عما اذا كان هذا الموقف الافغاني يهدد باثارة عداء الاميركيين بشكل نهائي، رد قرضاي ضاحكا «لا تقلقوا، فهم لن يغادروا افغانستان».
وقال راين كروكر السفير الاميركي في كابول منذ فترة قصيرة مقللا من شأن الخلافات بين البلدين انه «خلال مفاوضات يطلب كل من الطرفين المستحيل ويتم التوصل الى تسوية في منتصف الطريق بينهما».
واقر مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف اسمه ان الاتفاق على ما بعد 2014 سينص بالتأكيد على «منشآت مشتركة» تضم جنودا من الاميركيين والافغان.
واوضح ان دور الاميركيين سيقتصر فيها على دعم الافغان من خلال امدادهم بالمعلومات وتأمين حماية جوية ودعم لوجستي لهم.
ويفاوض الاميركيون منذ عدة سنوات على اتفاق من هذا النوع مع العراق في عملية لا تزال شاقة فالعديد من النقاط الاساسية فيها غير محسومة ومنها مسالة الحفاظ على قواعد دائمة التي تطرح مشكلة شائكة.
وبعدما انهى الاميركيون العام الماضي عملياتهم القتالية في العراق، ابقوا على 43500 جندي في هذا البلد لتدريب القوات المحلية.
وبالرغم من الاحتكاكات والعثرات، يؤيد قسم من المسؤولين الافغان فكرة شراكة بعيدة الامد مع الولايات المتحدة.
وسيكون لمدة الوجود الاميركي انعكاس على اي مفاوضات يمكن ان تجري مع حركة طالبان والتي يعتبرها العديد من الخبراء ضرورية لانهاء النزاع.
وكان معهد راند كوربوريشن الاميركي اعتبر في تقرير صدر مؤخرا انه من الضروري ان تبقي الولايات المتحدة على وجود بعيد الامد في هذا البلد لارغام طالبان على الجلوس الى طاولة المفاوضات.
ولفت التقرير الى انه في حال قرر الحلف الاطلسي والغربيون مغادرة البلاد بشكل سريع «فلن يكون من مصلحة المسلحين التفاوض وسيكتفون بانتظار رحيلهم».