توصية أمنية بوأد ''البؤر الساخنة'' في مناطق المعارضة الاردنية

 

تامر الصمادي-تكشف المعلومات المسربة من دوائر صنع القرار، عن توصية أمنية دعا مطلقوها مؤخرا إلى وأد "البؤر الساخنة" في البلاد، مقترحين اللجوء إلى العنف ومن باتوا يعرفون بـ"البلطجية"، في محاولة جادة لإفشال تلك البؤر التي تجاوزت شعارات الإصلاح، وغدت تدعو للتغيير وخرق "المحرمات".
لكن مسؤولين في مواقع حساسة يصورون البؤر المذكورة على أنها مجاميع هامشية، معتبرين أن الناشطين فيها لا يمثلون إلا أنفسهم، الأمر الذي تؤكده مصادر سياسية ترى في هذا الخيار تدميرا للنظام، الذي طالما شكلت التجمعات المشار إليها ركيزته الأساسية.
تشير التسريبات إلى أن الطفيلة وذيبان وحي الطفايلة بعمان باتت من أشد البؤر التي خلقت أزمات متتالية لدى صناع القرار.
كما تلفت إلى استياء مرجعيات عليا من الشعارات التي رفعها متظاهرون انطلقوا فجر الأحد من حي الطفايلة إلى الديوان الملكي، للتعبير عن غضبهم من حادثة الاعتداء التي تعرض لها الناشط ليث شبيلات.
ووفقا لمقربين من دوائر القرار؛ فإن المرجعيات لم تخف امتعاضها الشديد من المهرجان الخطابي الذي دعت إليه أمس الأول شخصيات عشائرية وسياسية في منطقة اللبن، لتضمنه شعارات وهتافات نالت من شخصيات بارزة في الدولة، لم يكن أحد يجرؤ على انتقادها قبل الربيع العربي.
ورفض المتحدثون في لقاء اللبن الذي جرى في منزل الناشط العشائري غازي أبو جنيب الفايز، الحديث عن أي خطوط حمراء ما عدا الأردن، على حد قولهم.
وذهب البعض إلى حد القول إن "التغيير قادم لا محالة"، مؤكدين أنه "تغيير وليس إصلاحا".
حمى الشعارات الساخنة انتقلت من "البؤر الملتهبة" إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة "فيسبوك"، الذي بات يضم العشرات من الصفحات الشبابية المطالبة بالتغيير، بسقوف فاجأت المعارضة التقليدية والدولة على حد سواء.
في حين يحتوي موقع "يوتيوب" الشهير، تسجيلات مصورة تظهر ناشطي البؤر المذكورة وهم يهتفون بشعارات تطال بنقدها رؤوسا كبيرة في الدولة، متهمين إياها بسرقة المال العام ونهب أراضي الدولة.
رئيس التحرير السابق لصحيفة الغد موسى برهومة، يرى أن بعض البؤر في المحافظات، "ستشهد انفجارات قادمة في حال استمر التجاهل الرسمي لمطالبها".
وقال لـ"السبيل": "النظام لا يصغي جيدا لتلك المجاميع، الأمر الذي رفع من سقف هتافها وتجاهل الخطوط الحمراء، فالنقد الشعبي أضحى يستهدف رموز النظام السياسي من دون استثناء".
وأضاف: "ساكب التي اعتدي فيها على المعارض ليث شبيلات بؤرة أخرى قابلة للانفجار في أي وقت. ما جرى في تلك البلدة يؤشر إلى أن ثمة تيارا داخل السلطة السياسية يسخن الأوضاع لحدوث صدام بين مكونات المجتمع، وهي وصفة مدمرة هدفها زعزعة النظام السياسي، وتأكيد المقولة الشهيرة بأن أركان النظام تقوض من الداخل".
ويؤكد برهومة أن النظام السياسي في الأردن ينطبق عليه المثل الشعبي المعروف "أذن من طين وأخرى من عجين"، معتبرا أن النظام لا يبدي حتى هذه اللحظة "استجابة لمطالب الإصلاح الشامل ومحاربة الفساد".
وبرأي الكاتبة والمحللة السياسية رنا الصباغ، فإن تلك البؤر "لا تمثل غالبية الأردنيين"، معتبرة أن صوتها "لا يمثل إجماعا حتى الآن".
لكنها تعتقد بأن الدولة "قد تلجأ إلى البلطجية من جديد لقمع تلك التجمعات التي باتت ترفع من سقف مطالبها وشعاراتها".
وقالت لـ"السبيل": "الأردن يختلف عن غيره من الدول، فالنظام لم يأت على ظهر دبابة، ولم يبن حكمه على جماجم المواطنين. بالمقابل هناك أخطاء ارتكبت من قبل السلطة يجب أن تعالج، وعلى رأسها ملف الفساد".
وزادت: "لا نتوقع أن يأتي إصلاح سياسي يرضي الجميع، فنقطة الاتفاق الوحيدة شعبيا هي محاربة الفساد، وأن تتم التضحية بأشخاص فاسدين من عظام الرقبة، حينها ستهدأ هذه البؤر، وسيقتنع المواطن بجدية الإصلاح".
وتشهد البلاد منذ كانون الثاني الماضي احتجاجات مستمرة تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية ومكافحة للفساد.
وتشمل مطالب العديد من الفعاليات الشعبية؛ وضع قانون انتخاب جديد، وإجراء انتخابات مبكرة، وتعديلات دستورية، تسمح للغالبية النيابية بتشكيل الحكومة بدلاً من أن يعيِّن الملك رئيس الوزراء.
يشار إلى أن الملك عبدالله الثاني وعد مؤخرا بتعزيز الحريات السياسية في البلاد، ولمّح بشدة إلى أن رؤساء الوزراء في المستقبل سيتعين عليهم أن يمثلوا الأغلبية البرلمانية، بدلاً من أن يختارهم القصر.