الحلول الجراحية مؤلمة لكنها مطلوبة أحيانا !!!
بداية نثمن لمجلس الاعيان الموقر دوره المشهود باعاقة اقرار المادة 23 من قانون هيئة مكافحة الفساد ، ونتمى أن ينتقل المجلس من دور اعاقة اقرار المادة المشؤومة الى مرحلة تعطيلها ومن ثم ردها ليصار الى تعديلها أو حذفها نهائيا في ضوء المباركة الضمنية الملكية لخطوة المجلس في هذا الاتجاة ، وكان ألاحرى بمجلس النواب الذي يفترض أنه الاقرب الى نبض الشارع وطموح وتطلعات الشعب أي يقوم بهذا الدور بدلا من اقرارة .
الماكينة الاعلامية في الاردن أصبحت مهمة ومؤثرة وذات أنتشار واسع خصوصا بعدما فتح الفضاء الالكتروني أمامها بشكل كبير ومتسارع وبلا حدود ، المطلوب اعلاميا أن نصل الى مرحلة الاعلام المهني المسؤول ، والمطلوب رسميا ، التعاطي معها بذكاء واحترام واضحين وتوافق صريح وبمهنية عالية بحيث تكون المصلحة الوطنية العليا هي الهدف المنشود أولا وأخيرا ، وبما لا يسمح لها بالوصول لمرحلة الابتزاز ونشر الاشاعات وتشوية السمعة بدون دليل وأغتيال الشخصية بدون قناعة راسخة مستندة الى معلومة أقل ما يقال عنها أنها ذات وزن صحفي اعلامي ، واذا ما صادف وحصلت مثل تلك التجاوزات في حالات شاذه لبعض الدكاكين الاعلامية ( بعض الصحف الصفراء وبعض المواقع الاخبارية الالكترونية )، فالقضاء موجود والعقوبات المنصوص عليها بالدستور تعالج ذلك ،فنحن بنهاية الامر ، لا نريد مماحكات وجدل وفرد عضلات وأستقواء وبالتالي تخندق الطرفين – الحكومة والاعلام - بجهتين متضادتين يكون الوطن فيها هو الخاسر الاكبر .
قبل بضعة أشهر خلت ، كان الحديث عن أية تعديلات دستورية في الاردن خطا أحمر لا تستيطع الغالبية المطلقة من الشعب الخوض فية أو الحديث عنه ، لكن ما حدث ويحدث الان من حراك شعبي هادر في البلدان العربية وما رافقها من تغييرات في طبيعة الانظمة الحاكمة ، وقناعة القيادة الاردنية بضرورة التغيير ومسايرة مستجدات العصر وتطلعات الشعب ، جعل من الحكمة التقاط الرسالة بأوضح صورها ومن منظور المصلحة الوطنية العليا للوطن وللشعب ، وبطريقة الهبوط الامن – Smooth Landing - بدلا من الاصطدام بقوة بحقائق التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا ، ومما يساعد في التغيير المطلوب في الاردن ويجعل منه أخف وطأة وأكثر أمنا وأسهل تطبيقا ، هو ذلك التوافق المريح في العقل الجمعي لمكونات الشعب الاردني بأن النظام في الاردن هو مظلة ضرورية ومطلوبة من الجميع وللجميع ، وما دون ذلك فهو قابل للتعديل والاضافة والحذف والتغيير في ضوء المصلحة الوطنية العليا . اذن المطلوب في هذه المرحلة بالذات ، توجة رسمي غاية في الجدية في التعاطي مع الاحداث والمتغيرات بأسلوب حضاري يحكمة الالتزام بالوعود وصدق النوايا وسرعة الاجراء وشفافية التطبيق ، دون الانزلاق في متاهات بعض الحوادث التي يمكن احتواؤها بأكثر من أسلوب عقلاني حضاري ،ويقلل من تأثيرها على سمعة الاردن الداخلية والخارجية ، نحن لا نتمنى بأي حال من الاحوال اسقاط مصطلحات البلطجة على أحد مكونات المجتمع الاردني حتى لأولئك الذين يريدون أن يعبروا عن حبهم للوطن بأسلوبهم الخاص غير المتعارف عليه وغير المقبول رسميا وشعبيا في بعض الحالات . وبعبارة أوضح ، لا نريد أن يرتفع سقف المطالبات – نتيجة البطء في سرعة الاستجابة الرسمية لمطالب الشعب واجتهاد بعض الاجهزة المعنية في معالجة بعض الاحداث والذي وصل الى حد الغباء - ، ليصل الى مراحل الانفلات غير المحمود .
ما تم حتى الان من تعديلات دستورية يمكن النظر لها بأنها خطوة مهمة وضرورية ومباركة ، لكنها ستفقد بريقها وأهميتها وستعيدنا الى المربع الاول اذا لم تتبعها خطوات أخرى بنفس الروح الايجابية وبنفس الحماس والسرعة التي يفترض بها ان تحتوي الحراك المتصاعد يوما بعد يوم ، ولعل أول اختبار عملي لجدية الحكومة والاجهزة الرسمية في تطبيق مثل تلك التعديلات ،هو التعامل بصدق وشفافية ونزاهة مع الانتخابات البلدية والبرلمانية القادمة . لا نريد مزيدا من التدخل الرسمي في عملية الانتخاب وعملية الفرز وعملية اظهار النتائج ، نريد انتخابات فعلية لا شكلية ، نريد تمثيلا حقيقيا لمكونات الشعب الاردني ، نريدا رؤساء بلديات قادرون على احداث نقلات نوعية بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال زيادة التحصيل وخفض النفقات وتقليل الاعتماد على خزينة الدولة ، نريد نوابا يعرفون ما لهم وما عليهم ويكونون عونا لصاحب القرار لا عبئا عليه ، لا نريد مخاتير ووجاهات همها الاول والاخير أن تسمع في اليوم مئات المرات كلمة " سعادة النائب " وتقود جاهات الافراح وتطلب للعريس نيابة عن والده وتعطي العروس نيابة عن والدها ، نريد نوابا يعرفون الفرق بين عدد الاصفار في المليون وعدد الاصفار في المليار ! هل ما أطلبه صعب المنال !!!!!