هل محمود عباس معني حقاً بإحباط "صفقة القرن"؟!



من أسف، فإن كل المؤشرات تدل على أن رئيس سلطة رام الله محمود عباس عازم على عدم إحداث أي تحول في توجهات سلطته بعد إعلان صفقة القرن، والتي تمثل وصفة لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية.

فعندما تحدث أمام اجتماع الجامعة العربية في القاهرة أعلن عباس أن السلطة أوقفت العلاقات الأمنية والسياسية مع إسرائيل. لكن لم يمض يومان، حتى أعلن عباس خلال اجتماع حكومته في رام الله أن التعاون الأمني متواصل، وسيتوقف في حال أصر ترامب على تطبيق صفقة القرن!!

بكلمات أخرى، عباس أثبت أنه يواجه "صفقة القرن" بالضجيج الإعلامي ويساندها بالأفعال!فالتعاون الأمني يعني توفير بيئة تسمح للصهاينة وترامب بتطبيق الصفقة في أقل قدر من الخسائر، وبدون أثمان تذكر؛فالكيان الصهيوني يمكنه ضم غور الأردن والمستوطنات، كما تنص "الصفقة"، في الوقت الذي تتعاون أجهزة عباس الأمنية مع إسرائيل في إحباط العمل المقاوم الذي يمكن أن يعرقل تطبيق الصفقة!!

من هنا، فإن عباس مصر على أن يجعل مواجهة صفقة القرن مهمة عسيرة أمام الشعب الفلسطيني، فالفلسطينيون باتوا مطالبين بالتصدي للإجراءات الصهيونية الرامية إلى تطبيق الصفقة، وفي الوقت ذاته العمل على تقليص الضرر الذي يمثله سلوكه الذي يوفر بيئة لتنفيذ الصفقة.

من هنا، وفي ظل الظروف الحالية، فإنه يتوجب استبعاد السلطة الفلسطينية من أي تحرك نضالي لإحباط الصفقة ما لم يتم التأكد أنها أوقفت التعاون الأمني؛ فالسلطة للأسف ستحبط أي تحرك فعلي لمواجهة الصفقة.

من هنا، فإن مواجهة الصفقة تتطلب من الفلسطينيين القيام بشن حملة وطنية على كل المستويات ضد صفقة القرن، وإبراز مخاطرها، وتكريسها على الارض، وتداعياتها المختلفة، وتكريس نزع الشرعية عن مواصلة عباس وسلطته التعاون الأمني مع الاحتلال.

يتوجب تفنيد المسوغات التي تقدمها قيادة السلطة لتبرير مواصلة التعاون الأمني. وهناك أهمية لتأكيد رسالة مفادها أن مواجهة الخطة الأمريكية يجب أن تتجاوز الاعتبارات التي تحكم السلطة ومصالح الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، على اعتبار أن الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا يعيشون خارج حدود فلسطين التاريخية، وحقوق هؤلاء مهددة بسبب الخطة؛ لذا لا يملك أحد الحق أن يقدم على أي فعل باسم الفلسطينيين يمكن أن يساعد الصهاينة وترامب على جريمتهم.

على الفصائل والفعاليات الوطنية وكل الأطر الشعبية محاولة بناء تحالف وطني واسع لمواجهة تجسيد الخطة. وهناك حاجة لصياغة مسودة مشروع عمل وطني مشترك، بالتعاون مع أكبر عدد من الفصائل، بحيث يتوجب على فصائل المقاومة وتحديدا حركة حماس إبداء أقصى درجات المرونة من أجل انجاز هذه المهمة.

فعلى سبيل المثال يمكن أن يتم التركيز في المرحلة الأولى على المقاومة الشعبية، وليست المقاومة السلمية، بدل العمل المسلح، لكن مقاومة شعبية تكون ذات اسنان قادرة على جباية ثمن من الاحتلال، والهدف توفير مناخ ينزع الذرائع عن عباس، ويمنعه من تبرير موقفه المتشبث بموقفه القائم على عدم أي فعل يمثل تحديًّا للاحتلال.

تكثيف الدعوة إلى إنجاز الوحدة الوطنية، وانهاء الانقسام على أساس مقاومة صفقة القرن من خلال التأكيد أن خطة ترامب جعلت لا مجال للتوقف عند بعض القضايا التي كان عباس يتذرع بها لإحباط جهود المصالحة، ولا سيما سلاح المقاومة، على اعتبار أن طرح الخطة يدل على أن الفلسطينيين مطالبون بالحفاظ على مصادر القوة الخاصة بهم.