«الجنرال»: أراد «تَعويم» نفسِه..فَـ«غَرِق»
لا الحكومة السودانیة تعرف وربما لا أحد في مجلس السیادة یعرف الأسرار والملابسات وخصوصاً ھویة الأطراف
الإقلیمیة, التي رتّبت اللقاء/ الفضیحة بین رئیس حكومة العدو ورئیس مجلس السیادة الفریق عبدالفتاح البرھان في
العاصمة الأوغندیة عنتیبي, التي باتت مركزاً اقلیمیاً ولوجستیاً للموساد الإسرائیلي ونقطة الانطلاق نحو وسط وغرب
أفریقیا، فیما تُواصل أدیس ابابا المھمة التي نھضت بھا منذ الامبراطور ھیلاسلاسي حتى الآن, ربما باستثناء فترة
ُطیح العام 1991
.منغستو ھیلامریام الذي أ
الجنرال البرھان یسیر على خطى سابقھ جعفر النمیري «بطل» تھجیر یھود اثیوبیا (الفلاشا) في ّ عملیتي «موسى»
و«سبأ» (1984 ،1985 (التي قبض فیھا ملایین الدولارات, على ما نشرت «یدیعوت احرونوت» وعلى ما ّ تكشف
بعدھما من معلومات بوجود مكتب للموساد الإسرائیلي في الخرطوم، لكنھ -البرھان- وقع «ضحیة» خبث ولؤم
, سیغرق
, على نحو نحسب أن الرجل الذي أراد تعویم نفسھ.. سیاسیاً
الصھاینة عندما كشفوا «الطابق» ولم یُبقوه ِ سراً
لا محالة. فالأوضاع السودانیة غیر مستقرة ومعادلة التحالفات في المشھد السوداني, لن ِ تحتمل سلوكاً نافراً كالذي
قارفھ البرھان, ما بالك أن الجنرال لا یتمتع بصلاحیات تسمح لھ اتخاذ خطوة خطیرة كھذه، فیما جدول أعمال السودان
ُمثقل والتوافق على «تقاسم» السلطة وتحدید الصلاحیات بین المجلس العسكري وقوى الحریة والتغییر التي تضم قوى
وتشكیلات سیاسیة وحزبیة نقابیة یصعب تصور تسلیمھا بنھج التطبیع مع العدو الصھیوني الذي ّ دشنھ البرھان, حتى
لو سانده نائبھ «حمیدتي» المعروف بعلاقاتھ المشبوھة إقلیمیاً، الامر الذي یستدعي التوقف ھنا عن سر تحالف البرھان
- حمیدتي ودورھما في إقصاء الجنرال الذي قاد عملیة «إعفاء» البشیر من موقعھ وھو عوض بن عوف النائب الأول
لرئیس الجمھوریة وزیر الدفاع في الوقت نفسھ؟
المدیح الذي كالھ نتنیاھو للبرھان خصوصاً اشارتھ إلى أن الأخیر «یؤمن» ّ بأن السودان یسیر في اتجاه جدید وایجابي,
وإعلان أوساط نتنیاھو بأن إسرائیل والسودان اتّفقا على بدء تطبیع العلاقات, فضلاً عن «الشكر» الذي قدمھ رئیس
الدبلوماسیة الأمیركیة بومبیو للبرھان على «قیادتھ» عملیة التطبیع مع إسرائیل, یكشفان ضمن أمور أخرى مستوى
التخطیط والعمل الدؤوب الذي تم انجازه حتى انكشاف الاجتماع وظھور نتائجھ, التي ّ شكلت صدمة حقیقیة في
ِخذت بـ«الإجماع» العربي في القاھرة, ترفض صفقة القرن
الأوساط السودانیة والعربیة. وبخاصة أن قرارات اتّ
.والتطبیع مع العدو
حكایة رفع اسم السودان عن قائمة الدول راعیة الإرھاب لن تُقنع أحداً كسبب للقاء البرھان نتنیاھو, إذ ثمة لدى الأخیر
أجندة معروفة ومعلنة وھي فتح الأجواء السودانیة لطائرات العال الصھیونیة كي تعبر باتجاه أمیركا اللاتینیة, وأیضاً
وخصوصاً لنیل موافقة الخرطوم على استقبال سبعة آلاف لاجئ سوداني وافریقي, وصلوا دولة العدو عبر صحراء
.سیناء, رفضت تل أبیب الاعتراف بھم كلاجئین
أدخل الجنرال بلاده في أزمة كان في غنى عنھا، وما یدعو للغضب والاشمئزاز ھو التواطؤ الذي تتبرع بھ أطراف
.عربیة لتبریر التطبیع مع العدو
محمد خروب