هكذا يراه زائر من المريخ، فبعد أن كان للعرب هيبة ورهبة في المنطقة، صاروا ملطشة بعدها، وبخاصة بعد أن ضيعوا العراق. صار يلعب في ميدانهم أربعة فرق إقليمية وهي إسرائيل، وإيران، وتركيا، وكردستان. تجتمع قممهم فلا تستطيع أن تغير الحال، لأن أيديهم مغلولة وقلوبهم مضروبة.
الوجود العربي في غرب آسيا العربية صار في خطر، فكل من القوى الأربع الصاعدة يشكل خطرا وجوديا عليهم، ومن جميع الجهات يُأكلون، ولا تستطيع أي دولة منهم أن ترد عن (الجول). يعتقد بعضهم أنه يمكن شراء البقاء، وقد ظنوا أنهم اشتروه، وأنه سيمنع دخول أي هدف في مرماهم، ليفاجؤوا بالعكس، وأنه لن يوقف أي ضربة على مرماهم من أي مصدر تجيء.
هذا ما تحدث به الزائر في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد انقضاء القمة، وأضاف: لقد وضعوا أنفسهم في ورطة وربما في بداية النهاية يوم تآمروا على العراق وفتحوا بحارهم وسماواتهم وبراريهم للأعداء لتصفيته. كان العراق يحميهم وكان عليهم حمايته، ولكنهم أضاعوه وأي قطر عربي أضاعوا!!! فقبل تدمير العراق كان البقاء مضمونا به.
والآن يفرض الحَكَم عليهم القرارات والتسويات، ولا يستطيعون أن يرفضوا.. بعد أن اختصروا كل شيء.
وعندما سُئل الزائر عن الدليل على هذا الوضع العربي المأساوي قال: إذا أردت معرفة ذلك عن كثب وكأنك تراه أمامك فخذ الدول العربية من الغرب إلى الشرق أو العكس واحدة واحدة ثم اسأل نفسك: ماذا تستطيع دولة م. أو دولـة ج. إلى آخره، أن تفعل، لا تظل تقول: العرب العرب فهم أمة واحدة افتراضيا. الموجود بلدان أو دول كل واحدة منها غير قادرة على حل مشكلاتها، والعروبة عندها مجرد كلام. لا يوجد دولة رمح ولا دولة درع عربية. اتركوا الخطابات والمجاملات في الوساع، فعندما تقع المعركة مع إحدى تلك القوى لن ترى أحدهم هناك، لأن المعركة ستبدأ وتنتهي في ساعات تسلب فيها الأراضي أو المناطق التي تريد، فها هي إيران تعلن أنها مسيطرة على أربع عواصم عربية. وها هي تركيا تدخل العراق وتضرب. وها هي تصول وتجول في شمال سورية. وها هي تتدخل في شؤون ليبيا… وها هي كردستان تتمدد وتتحالف مع إسرائيل. وها هي إسرائيل تقصف سورية وغزة وتفتك بفلسطين أرضا وشعبا، ولا يوجد من يرد على الجول.
لعل ما كتبه اورلي ازولاي في جريدة يديعوت احرونوت الإسرائيلية (في 30/5/2019 وفي الغد في 31/5/2019) يعطي معنى لما قاله الزائر من المريخ، وعليه رأيت إعادة نشر بعضه لمزيد من الفهم للحال العربي المائل للسقوط!
يقول أزولاي: "وسائل الإعلام [الأميركية] تغرق في السلم (خطة ترامب للسلام) ولكن الوضع في البيت الأبيض معاكس، فالرئيس ترامب يتابع باهتمام شديد ما يجري من أحداث، فهو مستغرق (مُحتل) بإسرائيل مع خطة السلام التي يريد أن يطلقها منذ زمن بعيد كما أنه مستغرق شخصياً في نتنياهو. وهو مفتون به ولا يخفي ذلك ".
” لقد عرف نتنياهو كيف يستغل جيدا هذا الافتتان فلا تذكر حالة نجح فيها رئيس دولة أجنبية هكذا في أن يلف رئيس القوة العظمى على إصبعه. نتنياهو كان أول من شخّص ضعف ترامب واقتاده إلى مطارح مريحة له. وكان شريكه في وضع خطة السلام [أي السلام الاقتصادي وصفقة القرن] التي تتجاهل التطلعات السياسية للشعب الفلسطيني. نتنياهو وترامب خلقا سياسة من نوع آخر ليس فيها مكان للحقيقة .. يقودان نحو فوضى عالمية جديدة. منذ سنتين وهما يعقدان فيما بينهما حلف الزعران ".
ترامب يثني على كل الشعوب التي يختلف مع حكامها كإيران والصين… ولكنه لا ينطق بكلمة واحدة حسنة عن العرب مع أنهم يمنحونه تأييدهم. لكن أملنا قوي بتحول عربي إيجابي نراه في الانتفاضات الشعبية الموحدة، المتجاوزة للدين، والطائفة، والمنبت… التي تزلزل قلاع التخلف والتعصب والعنصرية والطائفية والأعداء الطامعين.